” عسى يرجعون مع هبوبك يا نسيم الربيع حبايب كانوا معي في برد الشتاء.. يعانون من الجوع والبرد وحتى من قلة الدواء” تللك دمدمات أبي صالح(45 عاماً) متحسراً على عائلته الصغيرة التي أجبرها الحصار الخانق في حي الوعر للنزوح إلى مدينة إدلب المحررة وطبعاً منع الوالد من مرافقة عائلته كونه ممن لا تنطوي عليه شروط اتفاق الخروج من الحي.
إذ لم يعد أمام أهالي حي الوعر في حمص سوى خيار الخروج من الحياة الكارثية التي فرضها نظام الأسد، كعادته عندما يفشل في كسر إرادة المعارضة بالنار، يلجأ إلى سياسة الجبن والضعف ويستخدم سلاح الجوع والغلاء محارباً حتى من يركن في بطن أمه جنيناً.
عبر حصار طال أكثر من عامين ونصف، كما كانت الأشهر الأخيرة منه أكثر خطورة ومع تقليل النظام من كمية الخبز ومنع إدخال الأدوية المقدمة من الهيئات الدولية تقول أم عمر(35 عاماً) ” لم يتجاوز ابني الحادية عشر وهو يعاني من مرض السكر الطفولي ويتوجب عليه تناول خمس وجبات في اليوم كي لا يتعرض لمشاكل هبوط السكر الفجائي.. آه بعد الحصار الخانق ووصول ربطة الخبز إلى 1000 ليرة مع أسرتي الكبيرة وأبوين هرمين.. أقدم له نصف رغيف وقلبي يدعو له الله بالحفظ والصبر”
تفرض قوات النظام حصار الجبن منذ 10 تشرين الأول 2013 ومازال مستمراً حتى الآن، وتمنع الحواجز العسكرية المحيطة بالحي إدخال الأغذية والأدوية والمحروقات، يصرح الطبيب أبو هاني “الوضع الطبي بات كارثياً، فالشاش المعقم قد نفد وأضطر زملائي في الكادر الطبي لاستخدام قطع من الأكفان أو الستائر، فضلاً عن استخدام الإبر الطبية لأكثر من مرة، كما أن المواد اللازمة لتشغيل أجهزة التحليل الدموية نفدت ، ما أدى إلى تدهور وضع مرضى القصور الكلوي.. آه عندما يعجز الأطباء عن المساعدة نتيجة العجز في المستلزمات الطبية فاعلم أنها ماتت كل المعايير الإنسانية “.
تكشف أم مروان وهي جدة معمرة “لم أستطع التخلي عن بيتي الذي عشت فيه ذكرياتي الطويلة مع أبنائي المعتقلين في سجون النظام وعندي أمل لا ينقطع بقدوم ذلك اليوم الذي سأكحل عينيَّ برؤيتهم ..أنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر مترجية من الله ألّا يكون النظام قد تخلص منهم في سجونه التي توصف بأنها “الداخل إليها مفقود والطالع منها مولود” وها أنا أصبر رغم معاناتي المريرة من حصار النظام المميت وفاقد الشرعية، وأصبر حتى الموت ولا أتنازل عن أرضي لمن يظلم ولا يرحم، عندما يسقط جسدي المرهق من الجوع سيسقط على أرضي وأرض أبنائي.. ما أسعد الأمهات اللواتي يسبقن أولادهن إلى القبور. ! وما أشقى تلك الأم التي تدب إلى الموت دبيا وهي لا تعلم هل تركت ولدها وراءها أم أنها ستجده أمامها؟”
يدمدم أبو صالح” صبراً أهالي حي الوعر سيأتي الفرج إن شاء الله على يد الله التي لا تقهر وأيدي أبنائنا في تكاتفهم وتوحد صفوفهم”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد.