تبنى مجلس الأمن الدولي أمس قرارا يدين استخدام غاز الكلور كسلاح كيميائي في سورية من أي طرف كان بموافقة 14 دولة بينها روسيا والصين وامتناع فنزويلا عن التصويت.
ويعرب نص القرار الذي يحمل الرقم 2209 عن تأييده لقرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي ينص على مواصلة بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة عملها في سورية ويدعو جميع الأطراف إلى مساعدتها والتعاون معها ويهدد بفرض عقوبات على أي طرف ينتهك نص القرار.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري إن مداخلات مندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن بعد تبني القرار تعكس النوايا السيئة لمن قدموا هذا القرار ويذكرنا بالهدية التي قدمها اثنان من مقدمي القرار الحالي للشعب العراقي عبر غزو العراق وتدميره باستخدام الادعاءات نفسها لما سمي برنامج اسلحة تدمير شامل وجميعنا يتذكر جيدا كيف تم غزو العراق وتدميره بناء على اتهامات تبين في نهاية المطاف بأنها خاطئة ومزيفة.
وأوضح الجعفري في مؤتمر صحفي عقده في مقر الأمم المتحدة بعد تبني القرار ان مصلحة بعض الدول الأعضاء لا ترتكز على ممارسة الجهود اللازمة للتوصل إلى حل سلمي سياسي بقيادة سورية للأزمة في سورية بل تلجأ الى استخدام جميع الاليات المتاحة في الأمم المتحدة بما في ذلك في مجلس الامن لخلق الذرائع التي تحتاج إليها من أجل الاستمرار في العدوان المتواصل على السيادة السورية.
وأشار الجعفري إلى مجموعة تطورات وقعت الأسبوع الماضي وحده ومنها زيارة رئيس الوزراء التركي احمد داود أوغلو الى نيويورك ولقاؤه الامين العام وحصوله على مكافأة منه على كرم الحكومة التركية في حفظ السلم والأمن الدوليين عبر إرسال الإرهابيين الى سورية والإعلان عن بدء تدريب ما يسمى “المعارضة المعتدلة” بمشاركة المقدمين الرئيسيين للقرار 2209 وبالتحديد الوفد الأمريكي وبشكل يخالف قرارات مجلس الأمن 2170 و2178 و2199 وحتى القرار الحالي والتصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الامريكي جون كيري في الرياض حينما قرر السعوديون استمرارهم بدعم الإرهابيين في عدوانهم على سيادة سورية.
ولفت الجعفري إلى محاولات إفشال مهمة المبعوث الخاص ستافان دي ميستورا حيث ان الإرهابيين المدعومين من قبل المقدمين الرئيسيين للقرار الجديد رفضوا خطة دي ميستورا حول التجميد في حلب وهم يسمون “المعارضة المعتدلة” بينما هم يخدمون مصالح بعض الحكومات الغربية التي تقوم بدعم هؤلاء الإرهابيين بالسلاح.
وأوضح الجعفري أن الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة استخدمت جميع أنواع الضغط على مجلس الامن لاتخاذ القرار الجديد مشيرا إلى أن تسييس هذه القضايا الفنية لا يساعد المجتمع الدولي في القضاء على أسلحة الدمار الشامل وخصوصا عندما تعتمد بعض الدول الاعضاء ازدواجية المعايير تجاه الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم.
وقال الجعفري إن استخدام غاز الكلورين تم من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة وسورية قدمت كل الادلة على ذلك وهي من طلبت ارسال بعثة تقصي حقائق للكشف عن الفاعلين ولكن الأمين العام اعتذر حينها ورفض التعاون مع الحكومة السورية بعد تشاوره مع الوفود الامريكي والبريطاني والفرنسي وقرر ارسال بعثة دون أن يكون من صلاحيتها الكشف عن هوية الفاعلين.
وأضاف الجعفري إنهم يعيدون الأخطاء نفسها الأن فيما يتعلق باستخدام غاز الكلور ولذلك نجدد مرة أخرى دعوة الامين العام للمساعدة في الكشف عن هوية مستخدمي الغاز وللتذكير فقط فإن الاوروبيين هم من استخدموه في أوروبا والأمريكيين هم من استخدموه في فيتنام.
وبين الجعفري أن بعثة تقصي الحقائق جرى حرفها عن أغراض التحقيق ولم تقدم تقارير مهنية ودقيقة ولم تتعاون مع الحكومة السورية وأجرت تحقيقاتها خارج الأراضي السورية واجرت مقابلات مع شهود مجهولين ومأجورين لافتا إلى أن الدول الغربية تستخدمها كاداة ضغط.
وقال الجعفري إن البعثة فشلت في تقاريرها الثلاثة في الإجابة عن الاسئلة والاستفسارات المقدمة من الدول الاعضاء في المجلس التنفيذي والوفد السوري حول أساليب عملها واختيارها للشهود وتحليل العينات ودور المنظمات الدولية التي تعاونت معها.
وأضاف الجعفري إن طريقة تقديم القرار من قبل الدول الغربية ورغم أنه لم يتهم الحكومة السورية تشير بشكل لا يدع مجالا للشك الى أنها تريد بناء ترسانة من القرارات لتبرير سياساتها الخاطئة تجاه سورية.
وأعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن روسيا صوتت لصالح القرار انطلاقا من موقفها المبدئي القاضي بعدم قبول استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي جهة كانت ومن أجل ضمان موقف موحد في مجلس الأمن.
وقال تشوركين في كلمة له أمام مجلس الأمن إن روسيا تعارض قطعا محاولات طرح مسألة فرض عقوبات ضد سورية من دون أساس ومن دون إثبات حالات عدم الامتثال لافتا إلى أن الحديث عن انتهاك بنود القرار يعود لخبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وحدهم.
وأضاف تشوركين إن أي أنشطة إضافية لبعثة حظر الأسلحة الكيميائية لتقصي الحقائق في سورية ينبغي أن تستند إلى معايير المهنية والحياد والنزاهة وأن تكون معتمدة على قرائن ثابتة.
وأشار تشوركين إلى أن موسكو ستنطلق في المستقبل من أن الحق في تحديد حالات انتهاك كل من معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية والقرار الدولي 2118 والتأكيد على وقوعها لا يعود إلا إلى أجهزة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وانتقد تشوركين بياني ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا ووصفهما بالمناقضين لتحقيقات منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية التي لم تعط أي برهان أو دليل على من استخدام غاز الكلور في سورية.
ودعا تشوركين الدول الغربية إلى عدم الدفاع عن الإرهابيين في مجلس الأمن لافتا إلى أن تلك الدول هي من اعترض على التحقيق في استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية الذي طالبت به سورية.
وبين تشوركين أن روسيا قدمت أدلة إلى مجلس الأمن تثبت عدم استخدام الحكومة السورية السلاح الكيميائي في ريف دمشق لافتا إلى أن هناك الكثير من إشارات الاستفهام حول آلية عمل بعثة تقصي الحقائق وإلى التفاصيل الكثيرة غير الواضحة في تقاريرها وخاصة لجهة الشهود الذين اعتمدت عليهم وما إذا كانوا مدنيين أم ممثلين لمجموعات مسلحة غير مشروعة.
بدوره قال نائب مندوب الصين لدى الأمم المتحدة وانغ مين إن موقف الصين حيال الأسلحة الكيميائية ثابت وواضح وهي ترفض استخدامه من أي طرف كان ولذلك صوتت على مشروع القرار.
ودعا مين مجلس الأمن إلى البقاء موحدا في موقفه تجاه قضية الأسلحة الكيميائية من أجل إنجاح جميع الأنشطة في هذا المجال مشددا على أن أي تدابير أخرى من المجلس ينبغي أن تعرض للمناقشة والبحث وأن تتم ضمن التوافق.
وأكد مين أن الصين ستواصل دورها البناء والإيجابي نحو إيجاد حل مناسب وطويل الأجل للأزمة في سورية.
من جهته قال مندوب فنزويلا الدائم لدى الأمم المتحدة رفاييل راميريز كارينو إن بلاده امتنعت عن التصويت على مشروع القرار لأنه يجب أولا إنهاء التحقيق من أجل تحديد المسؤولية في جريمة استخدام السلاح الكيميائي وخاصة ان سورية تتعرض لوحشية التنظيمات الإرهابية التي اقتحمت البلاد لشن أعمال العنف بقدرات عسكرية هائلة.
وأضاف كارينو إن تبني القرار يحكم مسبقا على نتائج عملية التحقيق الجارية من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول استخدام الكلور.
وأشار كارينو إلى أن سورية تتعاون بإيجابية مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتلتزم بقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 2118 لافتا إلى أن أي قرار يفتح مجالا لاستخدام القوة يقوض جهود حل الأزمة في سورية بشكل سلمي.
من جهتهم كرر مندوبو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا اتهاماتهم المسبقة للحكومة السورية بالمسؤولية عن استخدام السلاح الكيميائي دون أي أدلة رغم أن لجان التحقيق في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم توجه الاتهام إلى طرف.
ودافعت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامانثا باور عن الإرهابيين عندما قالت إنهم لا يمتلكون القدرة على استخدام الأسلحة الكيميائية لأنهم لا يملكون المروحيات علما أن بلادها كانت أول من رفض إرسال لجنة أممية إلى سورية للتحقيق في استخدام السلاح الكيميائي في حلب وريف دمشق.
بينما كرر مندوبا فرنسا فرانسوا ديلاتر وبريطانيا مارك غرانت مزاعم زميلتهما الأمريكية المبنية على تفسيرات مسيسة لتقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والتي لم توجه الاتهام إلى أي طرف.
الصدر: ثورة أون لاين