في “إدلب تحديدا” يعيد التاريخ نفسه, وخصوصا في تاريخ الثورات على الظلم والاستبداد, لم تتخلف مدينة إدلب عن شقيقاتها من المدن السورية في الالتحاق بمركب الثورة والذي انطلق من درعا البلد في آذار 2011, حيث رفض أبناؤها الصمت والجلوس بموقف المتفرجين على الجرائم التي ترتكب بحق السوريين في محافظة درعا, وبدأ الغبار ينجلي عن جمر الغضب الذي يضمره أبناء المدينة الخضراء إذ كانت مدينتهم تتعرض للتهميش, لدرجة وصلت أن أطلق عليها لقب ” المدن المنسية”.
وسرعان ما بدأت المظاهرات تعم في الريف الجنوبي للمدينة وتحديدا في جبل الزاوية إضافة للقرى والمدن المحيطة بمركز المدينة كمدينة “بنش”.
مما جعل “النظام السوري” يعيد الكرة بارتكابه للأخطاء, والتي تتمثل بالقمع الدموي للمتظاهرين, لكن هذه المرة في ريف إدلب.
فكانت مجزرة “معسكر المسطومة” في جمعة “آزادي” بتاريخ 20-5-2011 نقطة فاصلة في تاريخ الثورة في المحافظة, حيث قرر الشبان نقل الحراك الثوري لداخل مدينة إدلب والوصول لساحة هنانو وسط المدينة والاعتصام فيها بعد أن تم التنسيق بين جميع المناطق المجاورة للدخول إلى مركز مدينة “إدلب” ومن كل المحاور.
ظن البعض أنه لا ثورة بعد اليوم في إدلب, فكانت المفاجأة بالأعداد الهائلة من المتظاهرين تجوب الشوارع والساحات, تكبر وتنادي بإسقاط النظام, فالشيخ المسن قبل الشاب يهتف وينادي بالثورة ضد الظلم, حتى موظفي الدوائر الحكومية ممن كانوا يلتزمون الصمت خرجوا في مظاهرات التشييع معلنين انشقاقهم عن نظام الأسد.
لم يعد يحتمل نظام “الأسد”, تلك المشاهد اليومية لجموع المتظاهرين الحاشدة, فأطلق عملية عسكرية واسعة في العام 2012 انتهت باحتلال المدينة, لكنه لم يكن يدري أن الجماهير الشعبية بكل مكوناتها, قد أعلنت التفافها حول الثائرين مقدمة لهم الدعم اللازم معنويا وماديا وشعبيا, متوعدين بالتحرير والثأر, الذي ما انقطع يوما في السر و العلانية, حتى انطلقت المعركة “الكبرى” لتحرير مدينة إدلب.
خمسة أيام متواصلة من القتال العنيف, كانت كفيلة بسيطرة قوى المعارضة المسلحة على المدينة, لتصبح مدينة إدلب ثاني مدينة سورية كمركز محافظة خارجة عن قبضة النظام بعد مدينة “الرقة”، وشكلت غرفة عمليات مشتركة, عنونتها باسم “جيش الفتح”.
أصبح هذا الاسم رمزا لتاريخ الحراك الثوري في إدلب, والذي لم يعد يكتفي بذلك بل بدأ يوسع من هجماته، حيث بدأ ينتقل لريف حلب الجنوبي, ما أفقد النظام السوري المدعوم بغطاء جوي روسي صوابه, فقام بالانتقام, عن طريق تكثيف الغارات الجوية على المدينة وأهلها.
واليوم وبعد المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الأسد وطائرات العدوان الروسي بحق الشعب الأعزل بهدف إخضاع إدلب وكسر إرادة شعبها, يعود الأحرار ويؤكدون أن مدينة إدلب لن تكسرها شلالات الدماء والمجازر بل ستزيد من ثورتها على نظام “الأسد”.
المركز الصحفي السوري – فادي أبو الجود.