أحمد العربي
اولا. بعد مضي ما يزيد عن ثلاث سنوات ونصف .على ثورتنا السوريه. وواقع حالها المتعثر والملتبس والمراوح في مكانه.سياسيا وعسكريا .كان لا بد من متابعة نقدية لمسار ثورتنا السوريه المسلحه.. من باب المعرفه والتعلم وتحديد معالم لمستقبل ننتصر فيه لشعبنا .باسقاط النظام المستبد ومحاسبته وبناء الدوله الوطنيه الديمقراطيه..
ثانيا. ليس جديدا ان نؤكد ان ثورة شعبنا كانت في سنتها الاولى سلميه الا ماندر. وانها كانت تتحرك لمطلب اسقاط الاستبداد .وبناء دوله الحريه والكرامة والعدل والديمقراطيه.. وان مللايين البشر من شعبنا ملؤوا ساحات المدن والحواضر والقرى بمطالبهم العادله.. وان النظام هو من رفض ان يقدم تنازلات ويقدم الديمقراطيه للشعب .وهو الذي بادر للعنف .عبر القتل والاعتقال ومواجهة التظاهر بالاسلحة الناريه.وبشكل متدرج تصاعديا بالعنف والاستمراريه.. مما دفع كثيرا من شباب الثورة بالتفكير بالرد المسلح على النظام. وخاصة ان الخيار كان بين ان تنتهي الثورة مع دفع ثمنها من اعتقال وقمع.. واستمرار للاستبداد والاستغلال والاستعباد الى عشرات السنين ايضا. وبين الاستمرار بالثورة ولو بالتضحيات للوصول للاهداف المشروعه لشعبنا…
ثالثا. بادر الشباب وبشكل فردي اوجماعي محدود .للحصول على الاسلحة الفردية عبر امكانات هؤلاء الشباب المتواضعه.. وبدأت تتشكل خلاليا صغيرة من المندفعين .الذين بدؤوا بحماية التظاهرات . وسرعان ما زاد النظام من عنفه وبدأ سياسة الاجتياحات .واستثمر عدم نضج الشباب الثائر واختراقاته الامنيه به. وبدأ يصنع قوائم متابعه للثوار الناشطين في التظاهر او العمل المسلح الناشئ..وبدأ بسياسة الحواجز مع الاجتياحات. مما دفع الناشطين للتخفي والانتقال للعمل المنظم سواء بالتظاهر السلمي او نواة العمل المسلح..
رابعا. كان اغلب الناشطين الميدانيين .مدنيين وعسكريين .من الشباب الغير مسيس في العشرينات والثلاثينات من العمر .ممن تجرع مظلومية النظام عبر عمرة كله. وكان بينهم ايضا بعض المسيسين خاصة ممن كانوا معتقلين سياسيين سابقين .وعبر اجيال.. وكان اغلبهم من الشباب الاسلامي الذي اعتقل على خلفية احتلال العراق وقبلها افغانستان والمظلوميه العالميه للغرب ومعه الانظمة المستبده التابعه. التي جذبت لها كثير من الشباب عبر المدخل الاسلامي من خلال افكار تبلورت قبل القاعده ومن خلالها وبعدها.. وكان كل معتقل في التسعينات وعشرية الالفية الجديده.. يدخل لمدرسة تثقيف فقهي وديني وسياسي عبر اعتقاله تأثرا بمن سبقه.. بحيث يخرج الشباب من السجون الذي يمتد من سنه ليصل لعشرات السنين.. يخرج المعتقل كادرا سياسيا معبأ فكريا وثقافيا واسلاميا.. ويكون مشروع ناشط سياسي او عسكري في عمل قادم ضد النظام او الغرب .طبعا ضمن منظومته الفكريه الاسلاميه المغلقه والغير متواكبة مع الفكر الاسلامي المتنور. وحتى فكر بعض الحركات التي تصالحت مع العلم والعالم والديمقراطيه وخيارات المجتمع.. المهم ان هؤلاء الشباب من المعتقلين السابقين كانوا في البنية الاولى للمجموعات المسلحة ضد النظام الاستبدادي. وهذا مايفسر وجود التوجهات او التسميات الاسلاميه.. زيادة على كون الاسلام عقيدة اغلب الجماعة الوطنيه السوريه. في موجهة نظام قاتل ومواجهته تعني الموت والشهاده.. وهذا ما يفسر لاحقا بداية استقطاب للنصرة والقاعده. كعمل مسلح مسيس اسلاميا.يبتعد عن هدف ثورتنا المباشره. باسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطيه . بل العمل لدولة اسلاميه وفق رؤية القاعده بما لها وما عليها…
خامسا. كان واضحا ان النظام العالمي غربه وشرقه.وحليفتهم (اسرائيل) .مع الانظمة المستبده التابعه . قد قرروا اسقاط الربيع العربي .وانعكس ذلك على سوريا بترك النظام يتغول ويقتل الشعب ويشرده وبدمر البلد.. ويعطون للثوار السوريين بعض الامداد الذي يؤدي لاستمرار الصراع وليس حسمه.. هذا في الفترة السابقة وللان..مما انعكس على الثوار بان انتقلوا لضرورة البحث عن امداد مال وسلاح. وخاصة ان امكانية مواجهة النظام لا يستطيعه افراد لا كامكانيات ماليه وعسكريه. ولا السماحية من انظمه مسيطرة بالمطلق على الحدود وتحويل المال والسلاح الى سوريا.. وهذا ادى رويدا رويدا.. ليصبح الثوار تابعين عمليا للدول المانحه التي لاتتجاوز اصابع اليدين . والتي صنعت لها غرف عمليات فرديه وجماعية تتابع الثوار على الارض اول باول… ومن المهم معرفة ان الائتلاف وقبله المجلس الوطني لا علاقه بالامداد المباشر للثوار.. فقد كانوا مجرد واجهة منقطعة الصله مع الثوار ولا سلطة لهم عليهم .وواقع الحال ان الائتلاف كطرف سياسي والثوار كطرف عسكري. كانوا محكومين بالدول المانحه واجنداتها وليس الثورة ومتطلباتها.. هذا واقع الحال وليس النوايا. لان الدول المانحة تحكمت وللان بالمال والسلاح والشؤون السياسيه ايضا…
سادسا. ان آلية عمل وامداد المجموعات المسلحه التي كانت تحصل على امدادها من الدول المانحه بشكل مباشر او غير مباشر . كان يحكم قدرتها في التحرك على الارض والتواجد والتقدم والتراجع في مواجهة النظام .وحتى بالامتداد .كتصخم او اضمحلال او انتصار او هزيمه.. كله مربوط بالمباشر مع الامداد العسكري والمالي.. فبعض المجموعات كانت تغطي مساحة العمل العسكري في سوريا والان اندثرت كبنيه وانتقل شبابها ليكونوا في بنية من ما زال امداده مستمرا. او انتقلوا ليكون كوادرا في القاعدة .كداعش او النصرة قبل انشقاقهم عن لعضهم وبعده.. وذلك كان يتعلق بالتحاصص الاقليمي في الثورة السوريه.؟! .المرعي دوليا من امريكا وحلفائها.؟!. والذي انعكس على الثورة المسلحة بالتشتت والتفرق والصراع احيانا . والتراجع او المراوحة امام النظام .. او التقدم المحسوب ليتم بعده انكسار محسوب.. يؤدي بحسابه الختامي لتكون حصيلة ثورتنا المسلحه .مزيد من الشهداء والدمار والتشرد والمراوحة بالمكان وعدم التقدم لاهداف ثورتنا .والوصول لنتيجة ان لا حل عسكري لثورتنا.. كما ان لا حل سياسي تفاوضي لها..لتبقى قضية شعبنا السوري جرح نازف يأكل من دماء وحياة ومستقبل شعبنا وخراب بلادنا..
سابعا. لم تكن القاعده ابنة اللحظة في الثورة السوريه.. فهي صناعة امريكيه مع حلفائها منذ الثمانينات في افغانستان .وبعدها كخصم يحارب امريكا وحلفاءها في العالم. ومنذ احداث ايلول 2001 . حيث ضرب تنظيم القاعده امريكا.. والعداء بينهم مستمر .وظروفه تتجدد دوما. فقد توسع وجود القاعدة في العراق والمغرب العربي والصومال واليمن والخليج. يتواجد ويتوسع حيث المظلوميه وضعف السلطة السياسيه. توسع في العراق بعد احتلاله .وتوسع في سوريا بعد ثورتها وقرار النظام ان يخمد الثورة بالقوة.. من المؤكد ان امدادا كبيرا بشكل مباشر جاء للقاعدة من افراد وراءهم دول. ودول بالمباشر لتقوية عودها وجعلها رقما في معادلة الصراع. هذا اضافة لامدادها البشري من كثير من شبابنا السوريين والعراقيين .الذين لم يجدوا غير داعش والنصرة بعد ان ماتت مجموعاتهم المسلحة .وهناك الوية وكتائب انتقلت بالكامل من موقع (الجيش الحر) الى النصرة وداعش. وهذا يخدم اجندة الغرب وحلفائه. بان الارهاب حاضر ويجب ان يتصدوا له .ولخلق آليات صراع واسباب موضوعية له وامداد من السلاح والمال لكي يستمر وينمو.. حاصدا معه اواح شعبنا ودمار بلادنا ومستقبل ابنائنا..
ثامنا. طبعا صمت العالم عن جرائم النظام وعن وجود داعش ونموه بداية لكي يكون مبررا لحضورة. في الميدان ولانتقال الصراع من ثورة ضد استبداد انظمه. لحرب على الارهاب متمثلا بالقاعده.. وليتم تأجيل الصراع مع النظام .او البحث عن حل يعيد انتاجه . فهذا التجييش لحرب داعش. واشتراط مساعدة الثوار السوريين بانخراطهم بالمباشر وعلنا مع التحالف الدولي ضد داعش. مع اقرارنا بالمبرر الموضوعي لحرب داعش بالنسبة لثورتنا ومصلحة شعبنا.فهم قد اوغلوا بالدم السوري. ولكن مع ادراكنا ان اصل المشكلة والحل هو استبداد النظام واسقاطه..انهم مع ترك جبهة الصراع مع النظام تراوح مكانها بين نصر جزئي وهزيمة جزئيه..
تاسعا. هناك على الارض محاولات ميدانيه جاده لتوحيد الثورة عسكريا. من ايام ميثاق الشرف وحتى مبادرة واعتصموا لخلق مجلس قيادة ثورة حقيقية .وغيرها من الاعمال .لتصنع رؤية سياسية للثورة وان ترتبط باجندة الشعب ومصلحته.. وهناك ايضا عمل استخباري متواصل لضرب بنى القوى الثوريه . ويعتبر التفجير الذي استشهد به اغلب قيادات حركة احرار الشام بما فيها من عمل استخباري واختراق كبير .واثرة مع ما سبقه وما لحقه .من اغتيالات وتجفيف منابع الامداد عن بعض المجموعات.. يعني ان مسرح العمل العسكري للثورة السورية مهيأ لتغيرات نوعيه يكون مواكبا لارادة القوى المانحه باولوية صراع داعش.. والبحث عن حل ما مع النظام الاستبدادي السوري….
.اخيرا. ان الثورة السورية عسكريا في مأزق حقيقي. وان ثوارنا بحاجة لوقفة مع الذات ومراجعة حصيلة السنوات السابقه. والعمل الجاد لاسترداد القرار ليكون بيد ثوارنا السوريين. وان يكون التعامل مع المانحين نديا. وان نتوافق مع المانحين ان اصل بلاءنا هو النظام المستبد .وان معركتنا هي معه ومع داعش ايضا لكونها احد منتجاته الموضوعية بالمباشر والغير مباشر.. وان استهداف قادة الثورة .خطر يستوجب الحيطة والحذر والتعامل الجدي مع ذلك. وان تقدمنا الرائع في جبهات كحماه سابقا وترجعنا المؤلم الان بحاجة لجواب شافي اين الثوار.؟!. ولماذا ينسحبوا .؟!.ولماذا نحن بين كر وفر .؟!. وكأن قدرنا ان لا نتقدم ابدا.. اليوم نتقدم على جبهة درعا والقنيطرة.. واصبحنا نخاف من انتصاراتنا وما يليها من هزائم لا تفهم.. الا بانا نتحرك وفق امداد الداعم واوامرة لقيادات المجموعات.. هل اصبحنا ادوات الغير في ثورتنا ولعبة الدم في شعبنا.. نتمنى ان لانصل لهذا الاستنتاج او المصير..
.لم يعد امامنا وقت نضيعه ..وشعبنا ينتظر من ثواره الكثير .. ضعوا الشعب امام الحقائق وتقدموا للمطلوب دون مواربه.. ولتكونوا واضحين وضوح الدم السوري النازف في معركة الحرية والكرامة والعدالة والدولة الديمقراطية لشعبنا السوري العظيم..
..احمد العربي..