ربما يكون وجود الفقراء والبسطاء هو أحد الأمور التي تعطي أي بلد في العالم رونقه وتنوعه المميز، ولعل أكبر مثال على تلك البساطة والكينونة هي وسيلة النقل البسيطة التي تسمى “الطرطيرة” كما يسميها الدمشقيون أو” الطرطورة ” كما يسميها أهالي إدلب .
” الطرطيرة ” .. هي وسيلة نقل سورية الصنع، مؤلفة من محرك دراجة نارية مركب على كبين للتحميل وثلاث دواليب، تمتاز بأنها سهلة الحركة في الأسواق و رخيصة الأجور، مما جعلها ملاذ وخيار الفقراء الأول، وخصوصا في هذه الأيام الصعبة على السوريين أيام الحرب و النزوح و التشرد.
التقينا مع أبو أحمد الرحيبي .. أحد أصحاب ” الطرطيرات ” في سوق الخضار وسط إدلب، حدثنا فيه عن مزايا هذه الوسيلة ومدى رغبة الفقراء لاستجارها و عن وضع كل السائقين الصعب الذي يدفعهم للتحول لحمالين أحيانا للحصول على زبون حيث قال ” أنها وسيلة النقل المفضلة لدى الفقراء والبسطاء، فهي لا تكلف ربع أجرة التكسي و تمر في الأزقة الضيقة وتوفر الوقت، ولكننا نعاني من ضعف المورد فهي لا تكفينا لنعيش ونطعم أُسرنا “.
يبرز دور وسيلة النقل هذه من خلال نقل حاجيات الناس ومدخراتهم الغذائية ولكن !!! في هذه الأيام الوضع الاقتصادي الصعب فرض نفسه على السوريين، و هذا أثر بشكل كبير على عمل أصحاب “الطرطيرة ” أو التكتك و جعلهم يجلسون دون عمل، كما قال لنا محمد السقا أحد سائقي الطرطيرة أيضا.
” في كل عام يزداد وضع هذه المهنة سوءاً و نصبح يوم بعد يوم غير قادرين على كفاية أسرنا، أنا عندي خمس أطفال و عملي على ” الطرطورة ” لا يكفيني، لذا اضطر للعمل كعتال إلى جانب عملي بها “.
بحثنا كثيرا عن زبون يطلب التكتك أو الطرطيرة ولكننا لم نجد، فتوجهنا لصاحب إحدى المحال التجارية في سوق أدلب المتخصصة ببيع الفوط بكل أنواعها، ليحدثنا عن أهمية التكتك أو الطرطيرة في نقل وتحميل البضائع بابخس الأثمان، و عن ملاحظته الدائمة لةختيار الزبائن للطرطيرة في نقل مشترياتهم من السوق إلى البيت و عن سوء أوضاع هؤلاء السائقين بسبب تدني الأجور ..
قال لنا ” محسن أبو عبد الرحمن ” .. أحد تجار سوق الخضار في إدلب ” شخصيا أفضل هذه الوسيلة في نقل بضائع من و إلى متجري، لأنها رخيصة و معظم العاملين بها من البسطاء والفقراء ولكن أوضاعهم باتت سيئة جداً لعدم إقبال الناس على الشراء وضعف القوة الشرائية بشكل عام ” .
التكتك أو الطرطيرة .. هي ليست وسيلة كسب رزق أو وسيلة نقل فقط، بل هي وسيلة فلكلورية مميزة لا توجد إلا في هذه البقعة و صُنعت و ركُبت في هذه البقعة، لذا فلا بد من إعطائها بعض الاهتمام و إلقاء الضوء عليها، هذا ما طلبه سائقو التكتك خلال إعدادنا لهذا التقرير !!؟
بقلم : ضياء عسود