قال الكاتب والمحلل السعودي جمال خاشقجي إن “التدخل السعودي – التركي قد بدأ، وهي حالة ستطور بشكل دائم، ومن الآن فصاعداً سنسمع كل يوم خبراً يظهر ويؤكد هذا التدخل”، مشيرًا أن “عدم التدخل أصعب وأكثر تكلفة من التدخل”.
وأوضح خاشقجي، أنه “لا أتوقع أن ما سيجري سيكون شبيهاً بعاصفة الحزم في اليمن، ولكن مما أجمع من تصريحات المسؤولين السعوديين، سيبدأ التدخل بعمليات صغيرة، ثم تتوسع”، وذلك في اتصال هاتفي مع جريدة “القبس” الكويتية.
وأشار خاشقجي أن” عدم التدخل أصعب وأكثر تكلفة من التدخل، لأن الصمت وترك الأمر سيؤدي إلى تسليم سوريا لإيران، وهذا يشكل تهديداً استراتيجياً ومسألة غير مقبولة بالنسبة للمملكة وتركيا”، لافتًا أن المملكة تريد من الأميركيين أن يكون لهم دور في أي تدخل، ومن الواضح أن هذه المسألة لم تُحسم بعد”.
وبيّن أن “القصف التركي يحصل الان بشكل مستقل، وقد أبلغ الأتراك الأميركيين أن السيل بلغ الزبى، ولم نعد نحتمل تقدم الأكراد، لقطع طريق حلب – تركيا”، ليشير إلى أن “هذه بداية الغيث”، مؤكدًا ضرورة دخول الشريك الأميركي، لأنه يستطيع التفاوض مع الروس لمنع مخاطر حصول اشتباك مباشر بين الطرفين داخل الأراضي السورية.
ويرى جمال خاشقجي أن الهدف الحقيقي لتركيا والسعودية يتمثل في، “إعادة التوازن في الحالة السورية التي بدأت تنهار لمصلحة النظام بفعل القصف الروسي الوحشي وانعكست بغرور الوفد السوري في جنيف، وبالتالي العودة الى المحادثات مستحيلة في ظل عدم التوازن، ومنع تحقيق إيران وروسيا الانتصار في سوريا.. على أن الأهم حالياً هو منع سقوط المنطقة الحدودية وقطع الطريق من حلب إلى تركيا”.
من جانبه قال المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز، إن “مخاطر الانتظار وعدم التدخل أكبر من مخاطر التدخل، فما رأيك إن سيطر النظام والقوات الكردية على سوريا وقضوا على المعارضين؟ عندها سيأتي الروس ليقولوا للعالم إنكم أمام خيارين إما النظام وإما داعش”.
وشدد يلماز على ضرورة أن يتم هذا التدخل “دون مزيد من التأخير، فهذا الأمر كان أسهل قبل الاحتلال الروسي ولم يتم بسبب المماطلة الأميركية”، مضيفًا أن “المطلوب من التحالف السعودي – التركي أن يعمل على تسليح المعارضة بالسلاح النوعي حتى قبل التدخل المباشر، فهذا أسهل، ويمكن، إذا ما حدث، أن يعيد التوازن في الحرب”، مؤكدًا أنه لن يكون هناك حل سياسي، ما لم يكن هناك توازن في الميدان.
ولفت إلى أن “التدخل السعودي – التركي سيتم تحت سقف التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، أو التحالف الإسلامي، موضحًا أنه “لابد أن يكون القرار مستقلاً عن أميركا التي، وحتى الآن، ترفض تسليح المعارضة بأسلحة نوعية، كما أنها رفضت إقامة منطقة آمنة، فالأمر يحتاج إلى استقلالية القرار”.
ونوّه يلماز بأن “هناك خطوطاً حمراء بالنسبة لتركيا لن تسمح بتجاوزها وتتمثل بمنع الاكراد من السيطرة على المنطقة الحدودية، كما أنها ستمنع أي محاولة لتحويل حلب الى مضايا ثانية من خلال قطع الممر الإنساني بين المدينة والحدود التركية”.
بدوره قال الكاتب والمحلل، علي باكير، إن “توقيت طرح المقترح السعودي بإرسال قوات عسكرية بريّة إلى سوريا، لا يقل أهميّة حقيقة من فحواه، فهو يأتي في ظل التطورات السلبيّة التي تشهدها الساحة السورية، ولا سيما مع تقدّم قوات النظام مدعومة من إيران وروسيا إلى الحصن الأخير للثورة السورية في حلب، وهو ما دفع البعض للخلط في تفسير هذا المقترح على أنّه شبيه بالحملة التي تقوم بها المملكة في اليمن، وبالرغم من ذلك فمن المهم تفسير سياق هذا المقترح وأبعاده أيضا”.
وأكد العميد الركن، أحمد عسيري، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، في تصريحات لقناة العربية السعودية السبت الماضي، انتشار قوات جوية سعودية بطواقمها في قاعدة “انجرليك” التركية، في إطار التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، وكشف “أن هناك إجماع من قبل قوات التحالف لبدء عمليات برية في سوريا، والمملكة ملتزمة في هذا الإطار”، وبين أن هناك خبراء عسكريون سيجتمعون خلال الأيام القادمة لبحث “التفاصيل والخطط العملياتية والتكتيكية”.
وقال عسيري، إن وجود قوات جوية سعودية في قاعدة إنجرليك “يأتي ضمن مخرجات اجتماع التحالف الدولي محاربة داعش في بروكسل، والذي ذكرت فيه المملكة أنها ستكثف الجهود الجوية لمحاربة داعش، وهذا الانتشار يأتي في طار ترجمة ما تم الاتفاق عليه”، واعتبر أن “إعادة الانتشار بهذه السرعة يؤكد على قوة واحترافية القوات الجوية السعودية”.
ونفى المسؤول نفسه، وجود قوات برية سعودية في تركيا، موضحاً أن “القوات المتواجدة الآن عبارة عن طائرات تابعة للقوات الجوية الملكية الجوية السعودية، بطواقمها، لتكثيف العمل الجوي، إضافة إلى ما تقوم به المملكة من مهام مستمرة من خلال القواعد الجوية السعودية في الأراضي السعودية”.
وبيّن أن انتشار القوات الجوية السعودية في تركيا، يأتي في إطار التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ، وليس في إطار اتفاقات ثنائية، وفي هذا الصدد، قال: “لا يوجد اتفاقات ثنائية في إطار التحالف ضد داعش، جميع الجهود في هذا الجانب تأتي تحت مظلة التحالف بقيادة أمريكا، وتركيا والمملكة عضوان فاعلان في هذا التحالف، ولديهما عمل جاد ومتصاعد، وبالتالي قاعدة أنجرليك وُضعت تحت تصرف التحالف الدولي”.
وكان وزير الخارجية التركي قد صرّح مؤخرًا أنّ بإمكان تركيا أن تشارك في العمليات البرية، إن كانت هناك استراتيجية واضحة يتبناها ويدعمها المجتمع الدولي.
ترك برس