يبدو أن الهزّات الارتدادية مازالت مستمرة بعد الزلزال الكبير الذي ضرب بريطانيا بل والعالم أجمع عشية إعلان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالاستفتاء الذي حصل في 23 من يونيو/ حزيران الماضي.
هذا الاستفتاء الذي ترقبه الجميع بفارغ الصبر فيما عقد الكثير عليه آمال كبيرة من بينهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فقد كان من مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي, وهذا ما دعاه لإعلان استقالته بعيد إعلان نتائج الاستفتاء الذي خيب آمال الكثيرين من مؤيدي البقاء.
كان لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تأثير كبير في الاقتصاد العالمي بشكل عام حيث تكبدت الأسواق العالمية خسائر كبيرة وسببت انخفاضا في مؤشرات الأسهم العالمية والبريطانية تحديداً؛ حيث تكبدت بورصة لندن خسائر كبيرة, وطالت الخسائر أيضاً أسواق المال الأسيوية, فيما تأثر التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا، وتصنيفات المصدرين الآخرين لأدوات الدين في البلاد, وذلك في كثير من بنوك بريطانيا وأوروبا ومنها فرنسا.
لم يؤثر خروج بريطانيا في أسواق المال فحسب بل تعدى إلى أسواق النفط والمعادن أيضاً, فقد هبطت أسعار النفط بنسبة 6% من قيمته السوقية.
ستتحمل بريطانيا خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة خروجها من الاتحاد الأوروبي, لكن يمكن أن تتبنى بريطانيا بعد الخروج نموذج أيسلندا والنرويج، حيث تبقى في السوق الأوروبية المشتركة، إلا أنها لا تشارك في القرارات الأوروبية. أو أن تفعل مثل تركيا، وتوقع اتفاقية اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي, ولكن الاتفاقيات التي وقعتها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي سابقاً سيتم إيقافها.
أما على الصعيد العربي فتأثير خروج بريطانيا لن يكون بشكل مباشر إنما التأثير سيكون مرحلياً, حيث تفاعلت الأسواق الخليجية مع الحدث لكن بدرجة أقل بكثير مما يحصل في أوروبا, إذ لا تعتمد معظم دول الخليج بشدة على الأموال الأجنبية أو على الصادرات غير النفطية لذاك سوف تنحصر المخاطر الرئيسة التي تهدد الخليج بخروج بريطانيا من الاتحاد في تباطؤ النمو في أوروبا, أي سيكون التأثير في البلدان العربية لمرحلة قصيرة بعيد الاستفتاء ومن ثم تعود الأسواق إلى ما كانت عليه سابقاً.
وبالنسبة للاستثمارات الخليجية في مجالات العقار والأسهم والسندات وغيرها في بريطانيا، التي تصل استثماراتهم إلى 130 مليار جنيه إسترليني تقريبا، ستنخفض قيمتها السوقية وستكون عوائد الضرائب والرسوم التي تحصلها الحكومة البريطانية من المتاجرين منخفضة بانخفاض الجنيه الاسترليني هذا ما سيحقق مكاسب بالنسبة للمستثمرين.
ويرى كثير من المستثمرين الخليجيين أن بريطانيا لا تزال الوجهة المفضلة، ولا يزال المواطن الخليجي يرغب في امتلاك مسكن له في لندن والريف الإنجليزي المعروف بجماله وطبيعته الخلابة، والتأثيرات ستعود عليه بالنفع.
ولو نظرنا لمجال السياحة ستكون فرصة للكثير من السياح لزيارة بريطانيا لانخفاض العملة فيها، مقارنةً بالأسواق العالمية والأوربية تحديداً.
أخيراً يجب علينا النظر في المدى البعيد لتلك التأثيرات، فلعل خروج بريطانيا سيفتح أبواباً كثيرة لم يكن لينظر إليها بجدية من قبل, وربما سيتجه العالم نحو استثمارات وخطط اقتصادية ستغير مجرى الاقتصاد العالمي وستغير أساليب كثيرة في التعاملات ما بين الدول لتحقيق اقتصاد عالمي له أهدافه الجديدة كما له سياساته الخاصة.
المركز الصحفي السوري_ أسماء العبد