ظاهرة جديدة باتت تنتشر وبشكل واسع في مناطق سيطرة النظام وخصوصا دمشق، حيث أن الفتيات بتن يشتمن ويطلقن العنان لأقذر الألفاظ على الملأ دلالة على التباهي ولفت الأنظار.
حيث أنك إذا ما تجولت في شوارع العاصمة فأنت لن تعجز عن مصادفة هكذا حالات، وفي وسط الشارع و بأعلى صوت كما يقال، فهذه تشتم صديقتها أمام الناس وتلك تشتم على الهاتف وتصرخ دون إكتراث بمن حولها.
بعض آراء المؤيدين وبعض المعارضين لتلك التصرفات على وسائل التواصل الاجتماعي، ” سكينة عيد ” تحاول تبرير هكذا سلوك و تقول
” صحيح أن هذا السلوك خاطئ ولكن بسبب ضغوط الحياة يصل الإنسان لمرحلة من التوتر تجعله يفقد أعصابة فيبدأ بالسباب ككل الناس “.
أما ” فريال حمدان ” فهي مع الطرف المعارض لهكذا سلوك فقد قالت ” للأسف هذا كله يعود للتربية المنزلية سواء كان للشاب أو للفتاة، واعتقد أن الأمر يعود بالدرجة الأساسية للأم فالفتاة تعتبر أمها قدوتها الأولى “.
أما ” محمد عوض ” فقد قال ” إن ظاهرة الاسترجال باتت أمراً طبيعي، فالفتيات بسبب قلة الذكور في المجتمع أصبحن يقلدن الذكور في كل شي في اللباس والمأكل و الكلام ” .
بالرغم من اختلاف آراء الناس عن هذه الظاهرة بين من يعتبرها ” قلة أدب ” وبين من يعتبرها حرية شخصية، ولكن بالتأكيد هناك أسباب تقف خلفها و لربما يقودنا تعليق محمد عوض إلى شيء من أسباب تلك الظاهرة فهي كما قال التعليق بسبب قلة الذكور في المجتمع وهذا أمر ملاحظ بشكل كبير في دمشق وحلب، خصوصا أن نسبة كبيرة من الذكور قد هاجرت أو قتلت أو حتى التحقت بصفوف الجيش والأمن، لهذا فقد ارتفعت نسبة الإناث بشكل كبير و قل الرقيب، بل و ضعف فالأب والأخ والمجتمع الذكوري الذي كان ينهى و يزجر بات عنصراً ضعيفاً في المعادلة.
وفي بحثنا عن أسباب هذه الظاهرة قد نصل أيضا لسبب وجيه وموضوعي و هو العامل المادي و الوضع الاقتصادي المتهالك للسوريين بشكل عام، و للسوريين في مناطق سيطرة النظام بشكل خاص، فمحصلة التراكمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية ستؤدي إلى الأضرار بالأخلاق والقيم العامة للمجتمع فمثلا أنت لا تستطيع أن تطلب من جائع أن يشتري لابنه مستلزمات المدرسة وهو لا يستطيع أن يؤمن له طعام ليأكل.
فيمكن اعتبار تلك التصرفات تنفيس عن الواقع العام وحالة من الهروب من الكبت الأمني والمادي و هذا لا يتوقف على الكلام البذيء والسباب بل يمكن أن يصل لحد التدخين أو حبوب التخدير في مراحل أخرى و لكن المشكلة هي أن يصل هذا الأمر لحد المرض النفسي فالكثيرات يعتبرن السباب والشتائم نوع من البرستيج وكأنك تشاهد فيلم هوليودي مثلا، يمتلئ بالكلام الساقط هذا ما أخبرتنا به مرام و هي تؤيد هذه النظرية و تدافع عنها بشراسة.
قالت ” عندما نشاهد الأفلام الأمريكية مثل أفلام الأكشن و التشويق و الحركة فإننا نشاهد السباب أمر عادي جدا و طبيعي، لما لا يتقبل مجتمعنا هذا الأمر ويتصارح مع ذاته فأنت في النهاية تشتم عندما تغضب كرجل، قد تشتم زوجتك أو أختك أو حبيبتك، فلما تحرم هذا على الفتيات !!؟ ”
من خلال تعليق مرام نكتشف أن هناك فئة من الفتيات يعتبرن الموضوع شيء جيد و”برستيج” طبيعي جدا، و لربما مع الوقت يتحول لأمر عادي يتقبله المجتمع بل ويثني عليه.
لا شك أنها ظاهرة جديدة و غريبة على المجتمع السوري ولها مسببات كثيرة لن يتسع المجال لذكرها في هذا المقال، ولكن بالتأكيد أن لها دلالات و مؤشرات خطيرة للمستوى الأخلاقي الذي وصل له المجتمع السوري بعد الحرب.
بقلم : ضياء عسود
المركز الصحفي السوري