مساء الجمعة، منتصف تموز كان الشعب التركي مع حدث جلل هز المشاعر والعقول ولم يكن السوريون ببعيدين عن الحدث، بل وجدوا أنفسهم وسطه دون سابق إنذار، لم تنم أعينهم في ذاك اليوم وهم يترقبون أجهزة التلفاز لمتابعة الأحداث بقلق وتحسب، بل الكثير منهم بدأ يجوب بأفكاره الأماكن التي يمكن أن تكون ملاذا له وأين ستكون وجهته في حال نجح الانقلاب.
شارك بالانقلاب الفاشل جزء من الجيش التركي بدعم بعض من العناصر القضائية وثلة قليلة من جهاز الأمن الداخلي، وفشلت المحاولة وبدأت بوادر الخيبة تظهر بعد ساعتين من بدئه.
أسباب فشلها كثيرة، فبعضها تقني وهو عدم قطع الانترنت والاتصالات، والسبب الأهم هو عدم وجود عدد من المؤيدين من الجيش للانقلاب، وشجاعة الرئيس أردوغان وتوجهه لإسطنبول مسرح الأحداث رغم الخطورة البالغة لهذا العمل الذي وصف بالشجاع، ولم يختر مكانا آمنا ليتجه له، ووقوف الشعب التركي مع قيادته المنتخبة كان العامل الحاسم في إفشال محاولة السيطرة على الحكم في تركيا من قبل العسكر.
انقسمت الآراء حول المحرك الأساسي للعمل الذي قامت به وحدات من الجيش ضد السلطة الشرعية وتباينت المواقف لكن الموقف الذي توقف عنده الأتراك طويلا هو الموقف الأمريكي من الحدث، فقد تأخر الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته في التنديد بالانقلاب بعد ظهور بوادر فشل واضحة للعملية العسكرية وبعد تدفق الآلاف من المدنيين للدفاع عن الشرعية.
أما عن تأثير أحداث 15 تموز على السياسة التركية في سوريا، فلن يكون هناك تغير كبير كما يتكهن بعض المحللين وهذا يعود لقدرة أردوغان التي تضاعفت على استبعاد أعدائه والمعارضين لسياسته في سوريا، بالإضافة للتقارب الكبير الذي حصل بعد تلك الليلة بين الأحزاب المعارضة وحزب العدالة الذي قد يجيره أردوغان لصالحه.
سيخرج حزب العدالة والتنمية التركي قويا وستنعكس الحركة التي قامت بها قطع قليلة من الجيش لصالح الحزب، وستكون رافعة له في الأيام القليلة ليثبت جذوره ويمشي قدما لتحقيق ما خطط له منذ زمن، وبالتالي سينعكس بشكل إيجابي على الشأن السوري ولو أن تركيا ستدفع باتجاه حل سياسي في سوريا بالأيام القادمة، لكن سيكون ذلك من موقع قوة وظهر محمي وترتيب للبيت الداخلي التركي، فالمعروف بان الحائل الأكبر أمام أردوغان للمضي قدما في الملف السوري أصبح أقوى في مواجهته وإزالته من طريقه.
أكرم الأحمد – مجلة الحدث