ظهر الاقتصاد المختلط في أعقاب الأزمة المالية التي عصفت بكبرى دول العالم في نهاية العام 2008 ، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية. حاولت تلك الدول تطبيق بعض سياسات الاقتصاد المختلط وذلك مع فشل عمليات الاندماج أو الحماية لعدد كبير من الشركات المالية؛ فقد ساهمت الأزمة المالية التي تعرضت لها (أكبر بنوك الاستثمار وشركات التأمين وشركات وبنوك الرهن العقاري) في فشل شركات كبيرة وانخفاض في ثروة المستهلك إضافة لانخفاض كبير في النشاط الاقتصادي.
جمع الاقتصاد المختلط ما بين الاقتصاد المخطط أو الموجه الممثل للاشتراكية مع اقتصاد السوق المتمثل بالرأسمالية, يحتوي على شركات من قبل الأفراد ومن قبل الحكومة، في حين تتدخل الدولة في الاقتصاد من خلال إجراءات تنظيمية لضبط الأسعار ومنع الأزمات الناتجة عن الدورات الاقتصادية الرأسمالية فهو يقدم درجة من الحرية الاقتصادية ممزوجة بتخطيط اقتصادي. وتتمثل الحرية الاقتصادية في النظام المختلط من خلال حرية الانتاج والمتاجرة واستهلاك السلع والخدمات من دون استعمال القوة والاحتيال والسرقة فهي تعتمد على انفتاح داخلي وخارجي للسوق وحماية التملك وحرية المبادرة الاقتصادية.
فبينما كان الاقتصاد المخطط قائما على سيطرة الدولة على سياسة الاقتصاد الكلي والنشاط التجاري فمن سيطرة على عوامل الانتاج بالإضافة إلى تخطيط مركّز حول ما ينتج وكيفية الإنتاج وجهة الإنتاج: أي سيطرة على كامل العملية الإنتاجية وحرية بسيطة للقرارات الفردية مثل اختيار الوظيفة فقد سمحت بحرية القرارات بالتوظيف والاستهلاك على مستوى معين.
فبالاقتصاد المختلط تسيطر الدولة على جميع القطاعات الرئيسة وتصوغ جميع القرارات بشأن الموارد المخطط لها, على النقيض من اقتصاد السوق من حيث الإنتاج والتوزيع والتسعير وقرارات الاستثمار من قبل الشركات، فاقتصاد السوق قائم على عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه؛ فهو اقتصاد رأسمالي قائم على الحرية الفردية، فالفرد له الحرية بأن يقوم بأي نشاط اقتصادي وعلى الدولة ألا تقوم بأي نشاط اقتصادية يستطيع الفرد أو مجموعة أفراد القيام به.
فهو يقوم على ملكية وسائل الانتاج وهو اقتصاد العرض والطلب والمنافسة الحرة وتحرير الأسعار من أي قيد أي يعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والأفراد ورأس المال.
في حين جاء الاقتصاد المختلط ليوفق بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي وتجنب عيوبهما البارزة والتركيز على جوانبهما الإيجابية.
فأي نظام اقتصادي سياسي لا يستطيع البقاء طويلا إلا إذا اتسم بمرونة ما, وباستعداد للتعديل والتسوية والملاءمة مع الأحوال المتغيرة من حوله. لكن البعض لا يراه نظاما اقتصاديا جديدا؛ لعدم اتضاح ملامحه وافتقاره إلى الأسس المتينة والأطر المتكاملة التي تؤهله أن يكون نظاما مستقلا بذاته.
مع أن أغلب الأنظمة الاقتصادية المعاصرة هي نظم اقتصادية مختلطة، ولكن ذلك لا يعني أن الدول عندما تعتمد النظام المختلط أنها تطبق نظاما اشتراكيا أو رأسماليا في سياساتها الاقتصادية، إنما ستعتمد على تطبيق بعض الإجراءات التنظيمية بما يتماشى مع مصالحها الاقتصادية, فالدول الرأسمالية يغلب عليها النظام الرأسمالي والدول الاشتراكية يغلب عليها النظام الاشتراكي.
المركز الصحفي السوري – أسماء العبد