لا تبدو العملية، التي نفذتها القوات الأردنية الأربعاء وقتلت فيها مجموعة من المتطرفين كانت تخطط لاستهداف مواقع حساسة في المملكة، بمعزل عن موقف الأردن في الملف السوري، وخاصة معارضته لأي دور للمجموعات المتشددة مثل داعش وجبهة النصرة.
وقال مصدر أمني الأربعاء إن قوات الأمن الأردنية قتلت سبعة متشددين في مدينة إربد الشمالية قرب الحدود مع سوريا في واحدة من أكبر العمليات ضد خلايا المتشددين النائمة.
وكان الأردن هدفا دائما للمتطرفين الإسلاميين سواء من عناصر وافدة من الخارج أو من خلايا أردنية محلية.
لكن التحرك الجديد للمجموعة المتشددة التي تم القضاء على سبعة من أعضائها واعتقال آخرين، له ارتباط وثيق بموقف الأردن من الوضع في سوريا والعراق ومعارضته لسيطرة المجموعات المتطرفة على أي جزء من أراضيهما.
وأكدت دائرة المخابرات العامة الأردنية، في بيان تمكن السلطات بعد متابعة استخبارية دقيقة، من إحباط مخطط تخريبي مرتبط بتنظيم داعش كان يسعى للاعتداء على أهداف مدنية وعسكرية داخل المملكة وزعزعة الأمن الوطني.
وكشف البيان قيام القوات الأمنية المختصة بتتبع المجموعة وتحديد مكانها، مشيرا إلى اختبائها وتحصنها في إحدى العمارات السكنية في مدينة إربد، ورفض عناصرها تسليم أنفسهم.
وقتل ضابط من الشرطة الأردنية في العملية الأمنية التي قال مصدران أمنيان إنها استهدفت بالأساس أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية. وتم اعتقال 30 مشتبها بهم على الأقل.
وذكر مسؤولون أن العملية بدأت مساء الثلاثاء وانتهت فجر الأربعاء.
وانضم الأردن إلى الولايات المتحدة ودول إقليمية في شن غارات جوية على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في سبتمبر عام 2014.
والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من بين أكثر زعماء المنطقة الذين علت أصواتهم في التعبير عن الانزعاج بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر مقاتلوه على مناطق في سوريا والعراق.
وقال خبراء في الجماعات المتشددة إن انضمام الأردن إلى التحالف الدولي هدفه بالدرجة الأولى حماية حدوده من تسلل مسلحي داعش وتمدد التنظيم داخل أراضيه واستغلاله بيئة جماعة الإخوان المسلمين الحاضنة لكل أنواع التطرّف، فضلا عن استقدام عناصر التيار السلفي ذي الحضور القوي في المملكة خاصة في الزرقاء التي ينتمي إليها زعيم القاعدة السابق أبومصعب الزرقاوي الذي قتل في العراق عام 2006. وقد لاحقته القوات الأردنية الخاصة داخل العراق ولعبت دورا في التخلص منه.
وعزز مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي أسره التنظيم في ديسمبر 2014 ثم قتله بوحشية، عزم الحكومة الأردنية على مواجهة التنظيم بقوة في الداخل والخارج.
ويريد الأردن أن يظهر إمكانياته في مواجهة الإرهاب والتعامل معه خاصة أنه يحتاج إلى إسناد ودعم أمني ومادي إقليمي ودولي في مثل هذه العمليات، فضلا عن قدرته على المساعدة في الحرب الإقليمية على الإرهاب، وبالذات في سوريا والعراق.
وليس مستبعدا أن يكون لتحرك المجموعة المتشددة علاقة بما يجري في سوريا، وموقف الأردن الذي اتسم بدعم المعارضة السورية ولكن بحدود معينة. فقد كان لديه دائما هاجس سيطرة المتطرفين على هذه المعارضة.
وبان بالكاشف الآن أن المخاوف الأردنية كانت في محلها بعد أن غطت أنشطة المجموعات الإسلامية المتشددة عسكريا وسياسيا وإعلاميا على الأدوار المحدودة للفصائل المعتدلة.
ولا يستبعد المراقبون أن تبدأ القوات الأردنية حملة واسعة على مناطق تجمع المتطرفين خشية أن يقيموا خلايا داخل الأراضي الأردنية خصوصا في المناطق المعروفة بأن فيها تجمعا كبيرا لجماعة الإخوان المسلمين التي مثلت تاريخيا أرضية استقطاب للشباب المتدين وشحنه بالأفكار المتشددة.
ودعا مالك العثامنة الإعلامي الأردني المقيم في بروكسل في تصريح لـ”العرب” إلى فتح حرب واسعة على هؤلاء، معتبرا أن الحرب ليست جبهة أمنية أو عسكرية فقط، لا بد من حروب إسناد في الداخل، وفي كل مؤسسات المجتمع والدولة”، حاثا على مواجهة المتشددين في المساجد والجامعات ومناهج التعليم.
وكان الأردن يتوقع من البداية أن تكون للملف السوري تداعيات على المحيط الإقليمي وعليه هو بالذات، ولذلك بادر بإقامة مخيمات خاصة للاجئين السوريين وعزل هذه المخيمات عن الداخل الأردني خوفا من عمليات التسلل التي يمكن أن تنفذها داعش أو النصرة.
وأصدرت محاكم أردنية أحكاما بالسجن على العشرات من المتشددين وأغلبهم أردنيون عادوا من سوريا وبعضهم جندته جبهة النصرة أو داعش.
العرب