دفعت المرأة ثمنا باهظا، ضريبة مشاركتها في الحراك الثوري السلمي، فقد شكلت جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل ثورة الحرية، فكانت المتظاهرة والممرضة والإعلامية وأم للشهداء والمعتقلة والشهيدة.
عمد النظام السوري لاعتقال النساء واغتصابهن أثناء المداهمات و في المعتقلات والسجون والأفرع
الأمنية، كوسيلة انتقامية وعقابية في قمع وتهديد الثوار لكسر إرادتهم والانتقام منهم في أكثر مايمكن أن يؤلم الرجل الحر وهو عرضه وشرفه.
حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 7500حالة اغتصاب منها ما يقارب 850 حالة داخل المعتقلات، ارتكب العديد منها بحق أطفال دون ال18
سنة.
كما وأشار تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى انتهاكات جسيمة وممنهجة ترتكبها الحكومة السورية وميليشياتها ضد النساء بينها ” الحرمان والتهديد والحبس الانفرادي، بالإضافة للعديد لأشكال التعذيب بما فيها الاغتصاب والتحرش الجنسي، مؤكدة تورط مسؤولين من عناصر الأمن السوري بارتكابهم جرائم وفقا للقانون الدولي.
وقد تعددت وسائل تعذيب النساء جسديا وروحيا مما ينتهك الأنوثة ويكون فيها الاغتصاب أو التهديد به أو التحرش الجنسي وكذلك تعريضهن لأصناف تعذيب متعددة و ألفاظ بذيئة التي يقاسينها.
و قد ارتكز التقرير على شهادات نساء محتجزات داخل أقبية النظام.
تروي ليلى (36 عاما) تعرضها للاغتصاب من قبل عشرة عناصر وقد جرت أول مرة أمام ابنها البالغ من العمر 16 عاما.
وتحدثت الشبكة عن أشكال بربرية من التعذيب للنساء في السجون، لمياء(24 عاما) اعتقلها النظام بسبب اتهامها بمساعدة بعض الشباب على الفرار من الخدمة الإلزامية
قالت: ” كانوا يدعوني بالقميص الداخلي ويرمون علي دلو من الماء البارد ويصعقوني بالكهرباء لمدة 3 أيام، و أشارت إلى تعليقها من يديها لمدة ستة أيام متواصلة من دون أن تطأ قدميها الأرض خلال التحقيق معها”.
كما وتم رصد وتوثيق عدد من حالات الاغتصاب من خلال ناشطات معتقلات تم الإفراج عنهن لاحقا، كتلك الحالات التي رصدتها الصحفية والإعلامية “رويدة يوسف” محاولة كتابة تحليل مفصل عن الإعتداء الجنسي والاغتصاب الذي تتعرض له المعتقلات والذي يحصل بشكل أكبر، كما تعتقد في سجون حمص وحلب
و بشكل أقل في مراكز الاعتقال في العاصمة دمشق، كانت تهمة رويدة يوسف العثور على مسجل صوت في حقيبتها، تقول ” كان توجههم أنني سوف أبقى هناك للأبد إلى أن أخبرهم بالمعلومات التي يريدون سماعها”
و في النهاية استسلمت وأعطتهم المعلومات التي يريدون، ليتم فيما بعد الافراج عنها وكانت محظوظة لعدم تعرضها للاغتصاب.
كما ولم يرحم النظام الأمهات الحوامل، فلم يستثنيهن من الاعتقال والتعذيب
لم تشفع لها صرخات ابنها من الاعتقال، فاستقبلت بالضربات على بطنها مع أنه من الواضح حينها أنها كانت حبلى، في المهجع نزفت كثيرا من الدماء بسبب الضرب المبرح على بطنها، وحاولت صديقاتها مساعدتها بطلب طبيب إلا أن الجواب كان” خلوه يموت أحسن ما يجي ثورجي جديد”.
حزنت على طفلها لكنها قالت بنفس الوقت ” الحمد لله أنني أجهضت مشان ما يغتصبوني”.
كما و يسلط تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الضوء على أن معاناة النساء الحقيقية تبدأ بعد الخروج من المعتقل بسبب حالة النبذ التي يتعرضن لها من قبل عائلاتهن و المجتمع.
تقول زينب(19 عاما) أنها “عادت بعد خروجها من السجن إلى الحي الذي كانت تقيم فيه و لم تجد أيا من أفراد أسرتها، وتضيف” ذهبت إلى أقاربي وخالتي فرفضوا استقبالي بعد اتهامي بأمور تتعلق بالشرف تعرضت لها في المعتقل”.
أغلب المعتقلات اللواتي تم إطلاق سراحهن، يصبن باكتئاب شديد وعدم قدرتهن على نسيان ما حدث معهن، بسبب شعورهن أنهن جلبن العار لأهاليهن وقد لجأت بعضهن للانتحار.
تقول طبيبة من مدينة اللاذقية أنها عالجت 15 امرأة تعرضن للتحرش الجنسي بدرجة أو بأخرى، أربعة منهن ممن أطلق سراحهن انتحرن، لعدم قدرتهن على التخلص من الاكتئاب”.
لا بد من مساعدة تلك الفتيات لكسر حاجز الصمت ومواجهة المجتمع وتحدي العادات والتقاليد ، وذلك من خلال مساعدة الأهالي لهن ووقوفهن بجانب بناتهن وأخواتهن اللواتي تعرضن لانتهاكات خارجة عن إرادتهن، وكذلك متابعة حالتهن صحيا ونفسيا فهن ضحايا مثلهن مثل الشهداء والمعتقلين الآخرين، ولكن هل سيرحم المجتمع الشرقي تلك النساء اللواتي كن ضحية إجرام هذا النظام؟.
المركز الصحفي السوري – سلوى عبد الرحمن