تزداد قضايا الاعتقال يوماً بعد يوم في سوريا، ولا تتشابه كل تلك الاعتقالات في كثير من تفاصيلها، ولكنها تتفق بطريقة أو بأخرى أن «المعتقل شكل غبي من أشكال الموت البطيء، ما يلبث أن يتحول إلى قضية طبيعية مقبولة، لا سيما أن البديل غير موجود أبداً، وانتظاره سيعني سكتة قلبية عند أول فتحة باب للزنزانة، أو أول مناداة للاسم ربما تكون بحثاً عن اعتراف جديد».
تتعرض النساء في سوريا للاعتقال والخطف نتيجة الأحداث التي تشهدها سوريا, حيث يبلغ عدد النساء المعتقلات في سجون النظام ما يقارب خمسة آلاف امرأة حيث تواجه النساء شتى أنواع التعذيب.
عاشت المرأة السورية واقعًا مريرًا في ظل السنوات الخمس من عمر ثورة الكرامة السورية، وقد قاست المرأة أقسى أنواع العذاب ولاقت جميع أصناف التنكيل، فقد شاركت المرأةُ الرجلَ يدا بيد من اليوم الأول للثورة، ووقفت إلى جانب الرجل كتفًا بكتف، وكم كانت عظيمة تلك المرأة التي قُرنت أدوارها بأدوار الرجل فرسمت بمخيلة العالم صورًا لن تنسى إلى قيام الساعة.
“لم أتخيل يوما أن أسجن لمدة ستة أشهر في قبو تحت الأرض، في ذلك الشارع الذي كثيرا ما كنت أسير فيه، ولم أكن أعلم بأن مئات المعتقلين والمعتقلات مغيبون في عتمته”.. بهذه الكلمات تصف “سارة” أيام اعتقالها في أحد الأفرع الأمنية التابعة للمخابرات العسكرية في سوريا العام الماضي، قبل أن تخرج للحرية وتلجأ إلى تركيا هرباً من جحيم السجن والموت.
قالت سارة في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت إنها شهدت خلال فترة اعتقالها أشكالاً لا تحصى من العنف والإهانات والضرب والتعذيب، وأحياناً الاعتداءات الجنسية على النساء من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية.
وأضافت “رغم قسوة سماع أصوات المعتقلين وهم يتعرضون للتعذيب على مدار الساعة، فإن صوت معتقلة واحدة وهي تتعرض للضرب أو للتعليق من ذراعيها -وهو ما يعرف بالشبح- كان كافياً ليخرجنا عن طورنا. وكنت أتساءل على الدوام إن كان المحقق أو الجلاد يشعر باللذة أو التفوق وهو يعذب امرأة لا حول لها ولا قوة، فقط كي ينتزع منها اعترافات على أفعال لم ترتكبها على الأغلب؟ إلا أنني لم أجد الجواب الشافي”.
إهانات وانتهاكات
وبحسب سارة، كانت المعتقلات في ذلك الفرع الأمني وغيره يتعرضن للصفع على الوجه والظهر والأقدام، والجرِّ من شعورهنّ رغم أن أغلبهنّ كن محجبات، ولم يكن المحققون والجلادون يكتفون بالضرب بالأيدي، بل تعددت وسائل الضرب المستعملة ومنها الأسلاك الكهربائية الغليظة والعصي البلاستيكي.
وتابعت “كل ما سبق، إضافة للإهانات والشتائم التي يتعمد المحققون والسجانون إسماعنا إياها، يترك في نفوسهن آثاراً سلبية لا تنمحي مهما طال الزمن، ويعكس إحدى آثار الحرب البالغة الخطورة التي ستتكشف نتائجها خلال السنوات القادمة”.
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 15 ألف امرأة على يد قوات النظام السوري، واعتقال أكثر من 6500 ، إضافة إلى تعرض أكثر من 7500 امرأة لحالات من العنف الجنسي ، لكن ستظل نساء سوريا حرائر كريمات كما ستظل سورية حرة كريمة أبية.
رشا مرهف- مجلة الحدث “العدد4”