المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 22/1/2015
دائماً المدنييين هم الأكثر خسارة في الحروب، لقد أودى النزاع بحياة مايقارب 200 ألف شخص، ودمر المباني والصناعات، وقسّم المجتمع السوري بشدة، ومقابل كل شخص قُتل، أصيب ستة أشخاص آخرين، لقد فرّ أكثر من ستة ملايين سوري من منازلهم، ولكنهم يحاولون البقاء على قيد الحياة في أماكن أخرى داخل سوريا واعتُبروا نازحين، واجتاز 2.3 مليون شخص آخرين الحدود السورية، وبالتالي اعتُبروا لاجئين.
هناك مدن وبلدات في سوريا دمرت بالكامل وهجرّ سكانها جميعاً، من بيوتهم تاركين ورائهم بيوتهم وأرزاقهم وأراضيهم، منهم من لجئ إلى دول الجوار ومنهم من نزح إلى المدن والبلدات المحررة الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وإستوطن فيها وقام بمشترات الأراضي والعقارات وتعمير المنازل، كما ارتفعت إيجارات المنازل وانخفضت الأجور نتيجة التنافس على السكن وفرص العمل، ويعيش أكثر من 70% من السوريين خارج المخيمات، والعديد منهم غير مسجلين ومعظمهم لا تصل إليهم المساعدات والخدمات الضرورية، وتتزايد احتياجاتهم في أشهر الشتاء الباردة بينما تصبح إقامتهم بعيدًا عن وطنهم.
والمناطق المحررة أصبحت تكتظ بالنازحين، على سبيل المثال قرية معرة حرمة أحد المناطق المحررة في ريف إدلب الجنوبي يبلغ سكانها حوالي 20 ألف نسمة، وقد نزح إليها أكثر من 10 آلاف نازح من المدن والبلدات التي دمرت أو التي تشهد إشتباكات، بشكل مستمر كمدينة مورك وكفرنبودة في ريف حماة الشمالي على سبيل المثال، حيث دمر 80% من هذه القرى والبلدات، وهجر سكانها منهم من ذهب إلى المخيمات ومنهم من إستوطن في المناطق المحررة وقام بشراء العقارات، وكان التأثير على العديد من المجتمعات الأهلية في المناطق المحررة ساحقًا، حيث بدأت المدارس التدريس بدوامين لاستيعاب الأطفال النازحين، والمستشفيات تمتلئ بالمرضى، والضغط الشديد على موارد المياه بسبب النقص النسبي للمياه، بالإضافة إلى إرتفاع أسعار السلع أضعاف مضاعفة مماكانت عليه.
والخدمات المقدمة للنازحين الذين يقطنون في المناطق المحررة من الإغاثة وغيرها تكاد تكون معدومة، لأنهم غالبا ما يكونون غير مرئيين ومنتشرون بين السكان المحليين، قد يكون من الصعب التعرف عليهم.
“سمير” أحد سكان مورك الذي نزح إلى قرية معرة حرمة في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب يقول: لقد دمر منزلي بالكامل كما دمر “المحل للألبسة الرجالية” الذي يعد مصدر رزقي، ولقد إشتريت أرض مساحة 250 متر في قرية معرة حرمة وقمت بتعمير منزل ومحل تجاري، لكي يكون مصدر دخل لي ولأسرتي، ومنذ نزوحنا حتى الآن لم نتلقى أي دعم أو إغاثة من ي جهة كانت، وعند سؤالي إياه هل سوف تعود إلى مدينة مورك في حال تمّ تحريرها، فأجاب: لو كان لدي أرض زراعية في مدينة مورك لفكرت بالعودة إليها، ولكن أنا لا أملك في مدينة مورك سوى البيت الذي دمر بالكامل، فلم يعد لي أي إرتباط في مدينة مورك.
أما “أبو أحمد” من أهالي ريف إدلب الجنوبي فيقول: لقد أثر علينا النازحين بشكل سلبي خاصة في إرتفاع الأسعار، ولكن في المقابل إزدهرت القرى والبلدات التي تم النزوح إليها وأصبحت مكتظة بالسكان مما زادت الأسواق التجارية وفرص العمل، تضاعفت الأبنية السكنية والمحال التجارية إلى ضعف ماكانت عليه.
والسؤال مامصير هؤلاء المستوطنين الذين إستوطنوا في المناطق المحررة بعد أن تتحرر قراهم التي نزحوا منها؟ هل سوف يتركوا البيوت والعقارات التي إشتروها ويعودوا إلى مدنهم وقراهم، أم سف يبقوا في هذه المناطق المحررة؟!