معاناة مستمرة ومآسٍ كثيرة تركت أوجاعا وأسقاما بقلوب السوريين الذين يواجهون حياة تفتقر للحياة وتخلو من الإنسانية، فمعظمهم ذاق خلال سنوات الحرب مرارة العيش من فقدان لأحبة أو تشرد ونزوح، ومنهم من أجبر على اتخاذ المخيمات مسكنا بديلا عن سقف بيته الذي حرم منه.
هذا عدا عن الضغوطات الاجتماعية والنفسية التي يتعرض لها الشعب السوري، إلا أن مواجهتهم للفقر وللظروف المادية السيئة كانت أشد وطأة عليهم، وبالأخص بعد ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية والذي وصل ل520 ليرة للدولار الواحد، فاقتصاد سوريا يتدهور يوما بعد آخر، إضافة لخروج معظم البنى التحتية عن الخدمة، لتضاف إليها العقوبات الدولية التي فرضتها جامعة الدول العربية على حكومة النظام ليكون المواطن السوري هو المتضرر الأكبر منها.
ونظرا لذلك أنشأ بعض الناشطين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان” ارفعوا العقوبات عن الشعب السوري”، وجاء في رسالة الحملة :” نحن الشعب، معارضين وموالين، من داخل سورية ومن خارجها، من كل المعتقدات السياسية والفكرية والدينية والفلسفية، من كل الطبقات، ومن وجع واحد، نطالب السيد ستيفان دي ميستورا أن تتمثل الخطوة الأولى في مساعدة الشعب السوري على تجاوز هذه المحنة التي اجتاحت وطنه في رفع كل أشكال العقوبات والحصار الدولية المفروضة على أبناء هذا الشعب، وأن تقترن هذه الخطوة بحماية المدنيين في كل ساحات المعارك، وضمان الحد الأدنى من سلامتهم وكرامتهم… من يريد الخير حقاً للسوريين فليساعدهم في تخطي أسباب محنتهم وليس مجرد علاج أعراضها، نحن الشعب، نطالب بالرفع الفوري للعقوبات.. فاسمعونا”.
رغم أن الهدف الأساسي من العقوبات هو الضغط على حكومة النظام لتتراجع عن حملتها الشرسة التي تشنها ضد المدنيين، وانتهاكها لحقوق الشعب السوري بسياستها الممنهجة على القمع والذل، بيد أن تلك العقوبات كان تأثيرها السلبي على الشعب السوري بالدرجة الأولى، فبحسب منظمة الإسكوا فإن أكثر من 80% منه يعيش تحت خط الفقر.
صادق – مواطن من ريف دمشق- يتحدث باستياء:” وكأن العالم أجمع يتآمر على الشعب السوري، فضباط ومسؤولو النظام لن يتضرروا أو يتأثروا بها، فهم يأكلون أفخر المأكولات ويعيشون في نعيم وترف، غير آبهين لما يحل بالشعب المسكين الذي لاحول له ولا قوة، فحفلاتهم الباذخة التي يتفاخرون بها أمام مجتمعهم البعثي خير دليل على ذلك، إذ يسرقون حق الشعب في سبيل أن يحيوا سعداء”.
رغم جميع المناشدات شبه اليومية التي يتوجه بها الشعب السوري للمنظمات الحقوقية والمسؤولين الدوليين، إلا أن الحلول المقدمة مجرد حبوب مسكنة، يعود الألم بزوال مفعولها، فالشعب لا يريد مخيمات جديدة لإيوائه، ولا يريد إعانات غذائية من الدرجة العاشرة، ولا مبتغاه أن تشرع أوروبا أبوابها لاحتضانه، بل جل همه أن تحل المشكلة من جذورها، وأن تتوقف الحرب ويتوقف معها قتل المدنيين، ويعود كل نازح لحضن الوطن، فقصور الدنيا لا تغنيه عن سقف بيته.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد