“تدمر المشاكل العائلية الأسرة وتشتت شمل أفرادها كما حدث معنا بالضبط، طلاق والدتي من أبي بعد عشر سنوات من الزواج وزواجه من أخرى كان بمثابة انتكاسة في العائلة”.
بالتعب والألم الغالب على طباعه يحكي علي ابن ريف حماة الشمالي قصة تشتت شمل العائلة وطلاق والديه التي أدت لضياع أفراد العائلة وتدمير مستقبلهم، و من ثم اختفاء شقيقه في ليبيا وانقطاع أخباره هناك بعد سنة ونصف من ذهابه للقتال ضد قوات حفتر.
يقول علي “مع بدء الهجرة إلى الشمال نزحنا مع والدتي إلى تركيا، بقينا هناك عدة سنوات في مخيم للنازحين، نعيش في كنف والدتي التي كانت لنا الأم والأب تعطف وتربي وتسهر وتمنحنا الأمان، لكن غصةً كانت لا تفارق حناجرنا ونشعر بالنقص حيال أمر ما، ربما غياب الأب عن الأسرة”.
عاد محمد شقيق علي الأكبر إلى سوريا للعيش مع والده في الشمال السوري، تاركاً خلفه تركيا وأمان العيش النسبي فيها مقارنةً بالشمال السوري باحثاً عن الأمان والاطمئنان الأكبر وهو أمان الأب، لكنه وجد شيئاً مختلفاً هناك، وتحول الأمان المنشود إلى قهر وألم وعذابات”.
حول الموضوع يتحدث علي”عاد محمد إلى سوريا للعيش مع والدي، وبقيت أنا مع شقيقتي وأمي في المخيمات، وهناك وجد محمد معاملةً سيئة من زوجة والدي ووالدي، ولم يهنأ أو يطيب له العيش هناك أبداً، وكان يخبر والدتي بكل ما يلاقيه في كل اتصال يجمعنا به لتضطر والدتي ببيع مصاغها الذهبي ودفع ثمنه لأحد المهربين لأجل إعادة محمد إلى تركيا وإكمال العيش معنا”.
وتقول أم محمد “كنت لا أنام الليل بعد سماع ما يرويه لي محمد عن سوء معاملة وظلم والده وزوجته له، وأنا لا أملك نقوداً لكي أعيده إلى أحضاني فاضطررت لبيع ما أملكه من مصاغ ذهبي ودفعه أجرة تهريب وسفر له حتى عاد مجدداً إلى تركيا، وظللنا على تلك الحال لسنتين”.
بعد مرور سنتين على عودة محمد للمخيم في تركيا والعيش مع والدته وشقيقيه بدأت تخطر في ذهن محمد العودة إلى الشمال السوري، خاصةً مع سماعه عن خروج المقاتلين إلى ليبيا ليقرر الذهاب معهم هرباً من واقع مرير، وبحثاً عن حياة أفضل.
أم محمد يعتصر قلبها من الألم، وتناشد بحثاً عن ولدها المفقود وتقول “الألم والحرقة تأتي كونه مجهول المصير، لا نعلم إن كان سجيناً أم متوفياً أو لعله مهاجر تائه أم معتقل، لا أعلم أي الاحتمالات أضع أمامي، وتكثر التساؤلات هل هو بخير؟ ماذا يأكل ويشرب وكيف ينام؟”.
“قبل ذهابه وعدني أنه سيكون بخير، وأنه سيذهب ويعود لي كي أفرح به وبزفافه كونه ابني البكر ومحط أحلامي وأفراحي، ظل في ليبيا على تواصل معي لسنة ونصف وبعدها اختفى، كيف وأين لا أعرف”.
تضع أم محمد اللوم على نفسها وعلى طليقها بضياع ابنهم محمد، ربما بطريقة غير مباشرة انحرف مسار طفلهم المدلل عن أحضانهم وشبَّ ليجد نفسه تائهاً وضائعاً أي الطريق يختار، وتضيف “ببساطة الطلاق يدمر الأبناء، ونحن تدمرنا حتى وصلنا إلى مرحلة نريد فقط معرفة مصير ولدنا”.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع