في اجتماعه مع مسؤولي الامن القومي، قال خامنئي ان هناك تحديات عديدة تواجهها إيران اليوم، وإن انهيار بعض الجبهات الاقليمية سيؤدي الى زعزعة الاستقرار في إيران، وعلينا ان نوظف كافة الاحداث والازمات لخدمة هذا الاستقرار، وقال: لن نرضى بالخسارة في حلب رغم عدم اطمئناني للروس، وأن هناك مخططا لاستهداف منظم لقيادات الحرس الثوري وحزب الله في سوريا، ولهذا لم يجد مخططو السياسة الإيرانية من أوراق يلعبونها لاقناع الشارع الإيراني، سوى التذرع بأن السعودية حالت بينهم والحج لهذا العام، لتنكشف الاوراق والخديعة، وتصبح الازمة مركبة، فقد بدأت مواقع إيرانية تكذب الحكومة ورجال الدين، من أن السعودية لم ولن تمانع حجا سلميا آمنا للجميع.
في الاسابيع الماضية بدأت إيران تلميع أحمدي نزاد، وهو الإيراني، وبدأ يتحدث في مناسبات عمومية، في اطار مناورة إيرانية للادارة الامريكية بضرورة الاستعجال بحسم رفع العقوبات الاقتصادية كاملة عن إيران، خاصة وأن نزاد لديه رؤية مختلفة عن حسن روحاني فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، وله موقف واضح من آلية التعامل مع الغرب، وله جماهيرية شعبية، رغم أن إيران فترة رئاسته خسرت اقتصاديا وتضاعف التضخم والفقر، كما ان إيران متخوفة جدا من احتمالات صعود دونالد ترامب السلطة في امريكا، خاصة وأن لديه آراء متطرفة حيال إيران، وأن صعوده من المتوقع أن يضاعف من مشكلات إيران الاقليمية والداخلية، ولهذا دعم اللوبي الإيراني حملة هيلاري كلينتون ب 250 مليون دولار.
إيران تعيش سلسلة من الظروف غير العادية، فرئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي يؤكد أن العراق مقبل على ثورة شعبية شاملة بسبب الفقر والفساد وانعدام الامن وسيطرة رجال الدين وتحكمهم بمفاصل السلطة، اضافة الى الحماية الإيرانية للفاسدين، كما ان واحدا من اسباب مقتل مصطفى بدر الدين هو محاولة إيران استيراده للعمل في العراق مؤقتا بعد صفقة تفاهم بين نصر الله ومقتدى الصدر، كما ان إيران اليوم تعيش حالة خروج من المنطقة، رغم ادواتها الشريرة، فحزب الله يكاد ينفجر من الداخل بسبب حجم الصراعات الداخلية، بعد عودة ما لا يقل عن 1500 شخص من قتلاه في سوريا، ناهيك عن ما يقارب 250 شخصا في اليمن، وهناك عدد كبير من المفقودين، حيث يطالب أهاليهم حزب الله بالاعلان عنهم، ناهيك عن الضائقة المالية بعد الاجراءات الامريكية الاخيرة التي طالت بعض البنوك اللبنانية.
محاولة حزب الله التذرع بأن السعودية هي من منع الحجاج الإيرانيين من الحج لهذا العام، كانت مغامرة فاشلة لعدة اسباب رئيسة، وهي ان المملكة تتعامل ومختلف الدول الاسلامية بمنطق واحد، وان هذه التعاملات تؤكد الاخوة الاسلامية الحقيقية، والحرص على أمن وسلامة الحجاج، ولا يمكن تمييز حجاج عن آخرين، مهما كانت طبيعتهم، ولا يمكن التفريط في الاجراءات الامنية والسيادية، غير ان إيران لجأت للجوانب السياسية، وحاولت تسييس قضية الحج بهدف خلق مشكلة واثارة اعلامية، كما ان المملكة اكثر من يعرف الاساليب الإيرانية الملتوية وكيفية توظيفها الاحداث والازمات والمناسبات، ولهذا كانت الدول الاسلامية على اطلاع ما يتعلق بالسلوك الإيراني، لا بل اننا نتوقع ان تلجأ إيران الى تجنيد بعض الحجاج من دول مختلفة لاثارة الفوضى وهذا لن يكون.
كثرة الاخطاء في السلوك السياسي الإيراني الخارجي تنعكس سلبا على الاوضاع الداخلية، فعدد كبير من اعضاء البرلمان الإيراني طالبوا بوقف استخدام الجيش الإيراني في عمليات خارجية وتحديدا في العراق وسوريا، وفي مدينة مازندران، هناك احتجاجات شعبية، بعد مقتل ما لا يقل عن 25 جنديا ذهبوا مؤخرا الى حلب، وان بعضا من اسرى الحرس الثوري لدى جيش الفتح اعترفوا بأنهم جندوا بسبب الوعود المالية والامتيازات الاخرى نتيجة الفقر الذي يعيشونه وان بعضا مهنم مدمن على تعاطي المخدرات، غير انهم اكتشفوا انهم جلبوا للموت والقتل.
اعترافات الرئيس الارجنتيني السابق كارلوس منعم بأن حزب الله والحرس الثوري الإيراني هم من قتلوا ابنه ايضا ستكون صادمة للمجتمع الدولي، بعد ان طردت دول اوروبية وزير الدفاع الإيراني حيدر مصلحي كونه كان مشاركا في عملية بيونس ايروس، اعترافات منعم، قالت ان وزير الخارجية الارجنتيني السابق ابلغه وبمعلومات استخبارية بأن إيران وراء هذه العمليات، وذلك لان منعم رفض تزويد إيران باسرار عسكرية ارجنتينية تتعلق بمنظومة صواريخ ومضادات للطائرات، كما اكتشف شيعة العراق أن مشاكل العراق ليست بين السنة والشيعة وليست في السلطة السياسية، فقد كان عدد الشيعة في المراكز القيادية في الحكم العراقي السابق عاليا جدا، وان هناك دولا كبرى ساهمت ومنها إيران في تشويه هذه العلاقة، وهم يرون أن مشكلتهم الحقيقية مع إيران، وفي صمت المرجعية رغم اختلافها مع قم.
إن كثرة مشكلات إيران الخارجية، دفعت بخامنئي للطلب بنصر في خان طومان، حتى لو كان هزيلا ومعنويا، فنظام إيران اليوم، يقتات على الازمات، ويضخم بطولاته فقط لتطمين الشارع الإيراني الذي يكاد ينفجر، كما ان هناك عددا كبيرا من المراجع الشيعية التي لا تزال تتمتع بقدر من الكرامة الوطنية والهوية، بدأت ترى أن إيران الفارسية والقومية تستغل الدين وتستغل الشيعة، ولا تعمل لصالحهم، ولهذا بدأت هذه المراجع بالاتصال ببعض القوى والرمزيات الوطنية وبالدول العربية، في العمل لمواجهة التوسع والتمدد الإيراني.
إيران كشفت امام الغرب، عن علاقتها وتنظيمات الارهاب والتطرف في المنطقة، وانها كانت وحزب الله على اتصال ودعم لوجستي لارهابيي 11 سبتمبر 2001، وتغريم إيران عشرات المليارات نتيجة هذا الدور، ليس في امريكا وحدها بل في اوروبا وامريكا اللاتينية، حيث بدأت الاستخبارات العالمية تصدر تقارير متابعة دورية حول النشاطات الإيرانية في هذه الدول، وبدت إيران دولة تشرف على تجارة الحشيش والمخدرات وتجارة السلاح والتهريب، والرقيق الابيض، وتوظيف السجناء الناقمين على هذه المجتمعات تحت ستار الدين للقيام باعمال ارهابية، يعود صداها السلبي على الاسلام وعلى المملكة.
إيران شريك استراتيجي في مشروع الفوضى الخلاقة، ونظامها الاسلامي عام 1979 جاء لسرقة الثورة الاسلامية، بعد تفاهمات استخباراتية دولية، وان حربه على العراق كانت محاولة لتدمير قوة العراق الصاعدة آنذاك، وان إيران فتحت ابوابها للنشاطات المعادية للمنطقة العربية منذ عام 1979، حيث بدأت الصراعات الطائفية تطفو على السطح، وبدأ تقسيم العالم الاسلامي والوطن الواحد الى مذهبيات وطوائف، وهو ترجمة حقيقية لمشروع برنارد لويس ومشروع الشرق الاوسط الكبير.
اليوم السعودية