تداولت وسائل إعلام روسية باهتمام أمس، خبر عرض نسخة إيرانية من نظام صاروخي متطور، تكاد أن تكون نموذجاً مطابقاً للنظام الروسي «أس 300». وأثار النبأ تساؤلات حول دور روسي محتمل في «دعم» النشاط الإيراني في مجال الصناعات العسكرية أو تعمُّد تجاهله.
وبعد فتح الأجواء والأراضي الإيرانية أخيراً، أمام الصواريخ والقاذفات الاستراتيجية الروسية التي تقصف مواقع في سورية، والحديث الإيراني المتكرّر عن «تحالف» مع روسيا، و «آفاق استراتيجية للتعاون العسكري» معها، جاء كشف نماذج حديثة لتقنيات عسكرية، بينها محرّك لطائرات نفّاثة وأنظمة صاروخية، ليضيف بعداً جديداً للعلاقات بين البلدين.
وأزاح الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس الستار عن المنظومة الصاروخية بعيدة المدى «باور 373»، النسخة الإيرانية لصواريخ «أس 300» الروسية التي اشترتها إيران من روسيا. وقال روحاني إنه أوصى بشراء هذه المنظومة عندما كان مسؤولاً عن الدفاعات الإيرانية في مرحلة الحرب مع العراق (1980– 1988)، معتبراً أن هذه الصواريخ أصبحت طلسماً لإيران لكنها استطاعت في نهاية المطاف أن تصنعها وتشتريها.
وكان وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، أعلن أول من أمس استلام إيران وفي شكل كامل منظومة صواريخ «أس 300» الدفاعية من الجانب الروسي، موضحاً أن جزءاً من هذه المنظومة وصل إلى إيران والجزء الآخر قيد الشحن. وقال دهقان: «باور 373 قادرة على تدمير صواريخ عابرة وطائرات من دون طيار وطائرات حربية وصواريخ بالستية، ويمكنها تدمير أهداف عدة في آن».
وشدّد روحاني على أن بلاده وصلت إلى مستوى متقدم تستطيع من خلاله أن تشتري السلاح الذي تحتاجه أو تصنعه. وزاد أن «القدرة العسكرية والدفاعية الإيرانية غير موجّهة إلى أي من الدول الجارة المسلمة»، لافتاً إلى «رغبة إيران في إقامة أفضل علاقات الصداقة مع الدول الجارة، ونعتبر وقوفنا مع كل الدول لمواجهة الإرهاب والمعتدين واجباً إنسانياً وإسلامياً وثورياً».
ويبلغ مدى «باور 373» نحو 300 – 400 كيلومتر، وأعلن الرئيس الإيراني زيادة الموازنة العسكرية بمعدّل يفوق الضعف.
وكشف روحاني أيضاً عن أول محرّك «توربو- جيت» أعدّه مهندسو الصناعة الدفاعية، في حين شدّد وزير الدفاع على أن «الجمهورية الإسلامية في إيران هي بين ثماني دول في العالم تمكّنت من امتلاك التكنولوجيا لصنع هذه المحرّكات القادرة على التحليق على علو 500 ألف قدم ويمكن أن تزوَّد بها طائرات وزنها 10 أطنان».
وكتبت على المحرّك كلمة «نستطيع» بالفارسية، بما يذكّر بشعار حملة الرئيس باراك أوباما «نعم نستطيع».
وأثار العرض الأول لنظام «باور 373» في مؤسسة الصناعات الجوية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، في حضور روحاني ودهقان، تساؤلات لدى أوساط إعلامية وبرلمانية في موسكو عن مدى اطلاع المجمّع الصناعي العسكري الروسي على جهود طهران، التي كانت لفتت الأنظار بموقفها حين رفضت بحزم عرضاً روسياً لتزويدها نظام «أس 400» الأكثر تطوراً، وأصرت على تنفيذ العقد الموقع بين الجانبين منذ 2007 لشراء «أس 300».
وكانت طهران وقّعت عقد تسليم خمس منظومات من طراز «أس 300» في العام 2007، بعد مرور أربع سنوات على مفاوضات مع الروس حول الصفقة. وراوح تنفيذ العقد حتى جُمِّد في 2010 استجابة من الرئيس آنذاك ديمتري مدفيديف لقرار أصدره مجلس الأمن يضع قيوداً على التعاون العسكري مع طهران. واعتبرت أوساط روسية أن قرار مدفيديف كان «خيانة» لمصالح روسيا التي «أعادت الأمور إلى نصابها» العام الماضي، بصدور مرسوم رئاسي يرفع الحظر على ذلك التعاون، ما مهّد لاستئناف النقاش حول الصفقة التي طُوِّرت واتسعت، وستُنجز مرحلتها النهائية قبل نهاية السنة.
لكن الأوساط الصناعية العسكرية الروسية لا تكشف تفاصيل تتعلق بتسليم إيران نسخة تدريبية من النظام الصاروخي، وفي أي مرحلة تحقّق ذلك، علماً أن الحديث عن النسخة الإيرانية بات معروفاً لدى المجمّع الصناعي الروسي منذ العام 2012 عندما نفّذت طهران أولى التجارب على النظام الصاروخي الجديد.
ولا يستبعد خبراء أن تكون إيران اعتمدت على النسخة التدريبية الروسية لصناعة النظام الجديد، وهذا سبب إصرارها على المضي في تنفيذ العقد السابق بدلاً من الحصول على النظام الأكثر تطوراً.
الحياة