و لأن براكين الأفكار لا تنضب ولا تفتر إلا وقد اشتعل غيرها; لذا فإن الكلام بات المنفذ الوحيد من ألم مكبل بالعجز بعدما استبد الصمت دون أي جدوى.
فالصمت في جوهره لغة اتخذها المستبدون والطغاة واتفقوا على خنق الكلام بها, لكن دموع المأساة والقهر أعظم من أن تسكتها أي قوة.
ها هو ذاك الطاغية يخرج كَـ أب رحيم ورفيق بأطفاله, لابساً أحد أقنعته التي تعددت ليزور الطفلة “كريستين حوراني” ويعايدها في عيد الفصح المجيد متهما الإرهابين ,على حد زعمه, بأنهم انهزموا عند قدميها متناسياً ما فعله إرهابه الشنيع بالعديد والعديد من الأطفال اللذين قضوا تحت أنقاض الغوطة, أو في أثناء هجرتهم ونزوحهم متخذين من عباءة البحر الغادرة حضنا يحميهم أو حتى “كريم” الطفل الذي فقد أمه وإحدى عينيه في قصف طيران الأب الرحيم أثناء ارتدائه لقناعه الآخر.
تناسى دموع الثكالى والأرامل, واستقى من دماء العجائز والشباب وأطفال الغوطة ما يكفي ليروي الورود التي يسيطر بها على عقول أطفال من رفعوا أصواتهم هاتفين باسمه, وقد زيَّن وجمَّل ما فعله بأقرانهم بمسميات ترضيه وحده وترضي من حذا حذوه.
سمى قتله للأطفال حرباً على الإرهاب, وسمى تدمير الوطن تحريراً ,ولا يأخذ أمام أقدس العتبات في أراضي الشام إلا دور الصادق الأمين ,وهو في مكنون نفسه نمرود متجبر, يعرف أن نهايته في قعر جهنم وبئس المصير.
و ذاك حال كل طاغية يقدم الورد بإحدى يديه, ويسفك الدم بيده الأخرى, وكأنه ليس للعالم عيوناً ليرى بها, أو ربما ظن أسد الغابة أننا كلنا “كريم” أفقدنا بقوته إحدى عينينا وبتنا لا نرى إلا ما يريدنا أن نراه.
ريما محسن
المركز الصحفي السوري