هاجم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مَن وصفهم بـ”الإرهابيين الذين يحملون الدولار واليورو”، مشيراً إلى أن الهجمات التي تتعرض لها بلاده ذات أبعاد اقتصادية، وذلك بالتزامن مع الهبوط الحاد الذي يعصف بالليرة التركية مؤخراً.
وتراجعت الليرة التركية 4%، لتصل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق الأربعاء 11 يناير/ كانون الثاني 2017، حيث بلغت أسعار تداول العملة التركية عند متوسط 3.93 ليرة أمام الدولار، بنسبة انخفاض 12% في سعرها منذ بداية يناير، لتصل إلى أقل مستوياتها منذ الانقلاب الفاشل الذي وقع في يوليو/ تموز 2016، والذي أسفر عن حملة تطهير للمؤسسات أطاحت بنحو 100 ألف موظف حكومي. كما فقدت الليرة التركية 17% من قيمتها التي كانت عليها خلال عام 2016.
وقال أردوغان في تصريحات لوكالة الأناضول، الخميس 12 يناير 2017: “لا فرق من ناحية الهدف بين الإرهابيين الذين يحملون بأيديهم السلاح والقنابل، والإرهابيين الذين يحملون بأيديهم الدولار واليورو”.
وأكد أن “الهدف من ذلك، إخضاع تركيا وإبعادها عن أهدافها، ولتحقيق هذا الهدف يستخدمون العملة كسلاح”.
ويسعى البنك المركزي التركي للحد من هبوط الليرة، حيث خفّض نسبة احتياطي الصرف بالمؤسسات المصرفية، لضخ 1.5 مليار دولار في النظام المالي. لكن الإجراء لم يحرز النجاح المتوقع.
وتتعرض تركيا لسلسلة هجمات إرهابية، كان آخرها الهجوم على الملهى الليلي في حي أورتاكوي الراقي المطل على شاطئ البوسفور ليلة رأس السنة الميلادية 2017، وأسفر عن مقتل 39 شخصاً.
ترامب وسوريا وأسباب أخرى
وقد عانت جميع الأسواق الناشئة منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، مع اتجاه المستثمرين لسحب أموالهم، وسط توقعات بتزايد حالة عدم الاستقرار العالمي وارتفاع معدل الفائدة في الدول المتقدمة.
كما تسببت سلسلة من الهجمات الإرهابية التي نفذها متشددون وأكراد مسلحون، بالإضافة إلى العملية العسكرية التركية في سوريا (درع الفرات)، والتعديلات الدستورية المختلف عليها للتحول إلى نظام رئاسي، في زعزعة ثقة المستثمرين.
وقال بيوتر ماتيس، المحلل الاستراتيجي بسوق تداول العملات في رابو بنك: “إننا نشهد أزمة ثقة واسعة النطاق بالليرة، تسبب فيها التصاعد السريع في مخاوف السوق المتعلقة بالعوامل المحلية، والتي سيطرت عليها القضايا الأمنية، وحالة الارتياب السياسي بعد الانقلاب الفاشل، وأيضاً مخاطر تخفيض التصنيف الائتماني عن طريق وكالات التصنيف”، بحسب صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.
خفْض الفائدة أم رفعها؟
في ظل تناقص الاحتياطي النقدي، يعتقد محللون أن الحل يكمن في زيادة معدل الفائدة الرسمي عن طريق البنك المركزي. لكن أردوغان طالما استنكر زيادة معدل الفائدة؛ لأنه يكبح تطور الاقتصاد التركي، كما وصفه في مناسبات كثيرة بأنه مؤامرة ضد البلاد.
وفيما طالب الرئيس التركي بخفض معدل الفائدة؛ للقفز بالاقتصاد الذي توقف نموه على نحو فعال، فقد تقلص حجم الاقتصاد التركي بنسبة 1.8% خلال الربع الثالث من عام 2016، كما انخفضت ثقة المستهلكين والتصنيع ونمو الائتمان في ظل ارتفاع التضخم.
وتابع مراد ستينكايا، محافظ البنك المركزي التركي، خطى الرئيس على نحو كبير؛ ليخفّض سعر الفائدة المرجعي 250 نقطة أساس، قبل أن يرفعه بقدر قليل بلغ 50 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء خلال أسبوع واحد و25 نقطة أساس في سعر معدلات الفائدة قصيرة الأجل. وينبغي له أن يقرر ما إذا كان سيرفع الفائدة للدفاع عن العملة خلال اجتماع مُزمع إقامته في 24 يناير 2017.
أنتي بريفكه، من كومرتس بنك، قال إن البنك المركزي التركي قد يحتاج إلى رفع المعدلات لأكثر من هذا في الاجتماع القادم؛ كي يوقف تدهور الليرة.
وأضاف: “إن زيادة المعروض من العملات الأجنبية في الأنظمة البنكية ليس ضرورياً ولا كافياً لمواجهة انخفاض سعر الليرة. سيكون على البنك المركزي التركي أن يفعل أكثر من ذلك دون شك”.
وقال خبيرا الاقتصاد بمجموعة سيتي غروب، ألكير دوماك وجولتيكين إسيكلار، إن العواقب العكسية لانخفاض سعر الليرة على التضخم والاستقرار المالي صعَّبت للغاية الإبقاء على الموقف المُتكيف الذي يتخذه البنك المركزي التركي. وأضافا: “إن موقف أداء تركيا المحبط المتعلق باستقرار الأسعار ينسحب أكثر على تنافسية البلاد في ظل الظروف العالمية الراهنة”.
ويتنبأ بنك غوليوس باير حالياً بأن يصل سعر الليرة التركي إلى 4.10 ليرة مقابل الدولار خلال الأشهر الثلاثة القادمة، وهو ما خالفته الأوضاع الخميس، حيث بدأت الليرة في الارتفاع مجدداً بحيث وصلت 3.78 ليرة مقابل الدولار، حتى وقت نشر هذا التقرير.
انقلاب اقتصادي
في غضون ذلك، ألقت الحكومة باللوم على المضاربين فيما يتعلق بانهيار سعر العملة، واصفة ما يحدث بـ”الانقلاب الاقتصادي”.
وحذر البنك المركزي التركي، الثلاثاء الماضي، المضاربين، قائلاً إنه كان يراقب التقلبات المتزايدة في الأسواق، وإنه قد “يتخذ تدابيراً ضرورية ضد تكوينات الأسعار الفاسدة التي لا تتسق مع الأسس الاقتصادية”.
في هذا السياق، عزز البنك سيولة النقد الأجنبي عن طريق تخفيض نسب الاحتياطي الإلزامية بخمسين نقطة أساس، وقلل حدود الاقتراض من البنوك إلى 22 مليار ليرة تركية.
ووصفت الحكومة التركية مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني بالإرهابيين الاقتصاديين بعد أن حذرت المؤسسة هذا الأسبوع من احتمال تزايد القروض المعلّقة بالبنوك التركية بنسبة 4%.
كما تسبب ضعف الليرة، خلال الآونة الأخيرة، في انفصال العملة عن نظيراتها بالأسواق الناشئة، خاصة في الدول التي يطلق عليها “الخمس الهشة” Fragile Five (والتي تضم تركيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند).
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Financial Times البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ترجمة :هافينغتون بوست عربي