“بدنا نشيلو لبشار بهمتنا القوية” و “يلا ارحل يا بشار” هتافات وأهازيج لا يزال صداها يدوي في آذان الأحرارِ وفي سماء الحرية، حتى وبعد عشر سنوات من مقتله على أيدي مخابرات النظام وأجهزته الأمنية في الرابع من تموز/يوليو عام 2011، وذلك بعدما أشعل حماة بأناشيده الثورية وكسر حاجز الصمت والخوف ب “يا محلاها الحرية”
ولد إبراهيم قاشوش في الثالث من أيلول/سبتمبر عام 1977 في مدينة حماة، وذاع صيته خلال أشهر الثورة السورية الأولى عام 2011، عن طريق تأليفه الأشعار والأغاني المناهضة لحكم الأسد، والتي أطربت المتظاهرين وشجعتهم للمزيد حتى وصلت التظاهرات إلى المليونية في ساحة العاصي وسط حماة، ليغني هناك “يلا ارحل يا بشار” بكلمات لاذعة وغير معهودة على الشارع السوري.
كانت آخر تظاهرة شارك فيها القاشوش في مدينة حماة هي مظاهرة جمعة ارحل في ساحة العاصي، والتي احتفى السوريون بذكراها العاشرة في الأول من تموز/يوليو الجاري، حيث شارك قرابة نصف مليون في تلك المظاهرة والتي أقيل على إثرها محافظ حماة، وفقد القاشوش بعدها حيث ظفرت به قوات الأمن السورية واقتلعت حنجرته، لتسكت صوته المدوي والذي كان أقوى من دوي المدافع على نظام الأسد.
تداول ناشطون ومواقع إعلامية منها “شبكة شام الإخبارية” وموقع “عرب توب” صوراً وفيديوهات تظهر جثة القاشوش، الذي أطلق عليه فيما بعد “بلبل الثورة السورية” وصار يكنى من ينشد في التظاهرات ب قاشوش، بعد انتشاله من نهر العاصي بحماة وقد ذبحته قوات النظام واقتلعت حنجرته، في مشهد يظهر مدى وحشية وانتقام النظام لمن يرفع صوته في دولة الأسد البعثية.
تضارب في قصة القاشوش وشخصيته الحقيقية..
وقالت وكالة “أسوشيتد برس” حينها أن القاشوش كان رجل إطفاء يبلغ من العمر 42 عاماً وهو أبٌ لثلاثة أولاد، توقفت سيارة بيضاء أثناء عودته من العمل مشياً، وببساطة وضعته في السيارة و من ثم قتلته ورمت جثته في العاصي، لقد أصبح مقتل القاشوش نقطة تحول واستجماع قوة للمتظاهرين، وحضر جنازته الآلاف.
لكن ولليوم، يشكك كثيرون في شخصية القاشوش الحقيقية وهل قتل أم لا، وهل كانت الصور المتداولة لإبراهيم القاشوش أم لشخص آخر، في حين يقول الصحفي البريطاني “جيمس هاركين” في تحقيق لمجلة “جي كيو” أن المغني كان رجل آخر يدعى “عبدالرحمن فرهود” وأنه لم يقتل ناقلاً عنه “سمعت خبر وفاتي على التلفاز، لم أجرؤ على فعل شيء، اعتقد أن نفي الخبر سيسبب لي مشاكل” وحول الشخص المذبوح لم يعرف فرهود من هو ولماذا قتل.
في سياقٍ متصل، قالت إذاعة هولندا ان إبراهيم قاشوش لازال حياً، وأن من تم قتله هو رجل آخر في الفرقة، حيث أن الفرقة كانت بقيادة عبدالرحمن فرهود بتأليفه وغنائه، و قتيبة النعسان مسؤول الصوت وابراهيم القاشوش ضابط الإيقاع وضارب الطبل، في حين ذاع الصيت أن إبراهيم هو المغني، وقالت الإذاعة أن القوات الأمنية اعتقلت رجل إطفاء يدعى “ابراهيم القاشوش” لكنه ليس نفسه الذي في الفرقة بل تشابه أسماء، وقتلته فيما بعد.
بينما لا يزال القاشوش الحقيقي حياً، وسط تضارب في الروايات وغموض يلف قصة القاشوش الحقيقية واختفاء مبهم لسنوات.
وكما القاشوش، شارك في الثورة السورية الآلاف ممن ضحوا في سبيلها وتركوا طيب الأثر داخل قلوب السوريين، حتى اتخذهم أبناء الثورة أيقونات ورموزاً للثورة السورية المباركة، كان أبرزهم “عبدالباسط الساروت” الذي أطرب بأهازيجه المتظاهرين وحفر بأغانيه ذاكرة الثورة اسورية، فمن “جنة يا وطنا” إلى “حانن للحرية” آلاف القصص والحكايات مازالت حاضرةً رغم رحيله في إحدى معارك ريف حماة في 8 حزيران/يونيو 2019.
ابراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع