بالرغم من الحرب التي ألقت بثقلها على كل شيء جميل في سوريا، وأنهكت ملايين السوريين لتبعاتها الكثيرة وفي موجات من رحلات لجوء إلى كل دولة ينشدون فيها أمنا واستقرارا، إلا أن ذل كان للكثيرين من الشباب هو بمثابة دفع لإثبات الذات وبداية لمشوار طويل يبدأ بالتفاعل مع المحيط ولا ينتهي بتقديم الكثير من العمل والتعلم والتطور علما وعملا.
وقد أثبت الشباب السوري أنه يستطيع أن يطور الألم حتى يعطي إبداعا تحكي عنه دول اللجوء في أوربا والعالم العربي في أوساطها، وتعكس صورته كل وسائل الإعلام العالمية والمحلية.
مواهب و عمل رغم معاناة اللجوء
تركيا والتي كان لها الحظ الأكبر منذ اندلاع أحداث الثورة في سوريا، من حيث أعداد اللاجئين، يعيش فيها أكثر من مليون ونصف لاجئ، استطاعت حضن الشباب السوري فهيأت لهم العمل والٌإقامات، ويتوزع السوريون في مختلف المناطق التركية وغالبيتهم في غازي عينتاب واسطنبول وهاتاي، ويرى السوريون أن تركيا أكثر من غيرها من الدول وكانت قريبة نوعا ما من المحيط السوري بشكل عام، وقد رحبت حكومة تركيا كثيرا بالمواهب والطاقات السورية، حيث استفاد من تشجيعها الكثير من الطلبة السوريين من حيث الجامعات، عدا عن الجنسيات التي منحت وفق قرار لمن هم من المبدعين والباحثين والذي أثروا تركيا بعطائهم العملي أيضا، ورغم العقبات للبعض من حيث الوضع المادي وعدم توفر الفرص المناسبة، ومن حيث عدم الاستقرار أحيانا إلا أن الشباب السوري حاول الاستفادة من الوضع وعدم الوقوف عاجزا أمام معاناة اللجوء، هشام مروان 21مخرج سوري يخرج العديد من الأفلام الكرتونية ضمن فريق (غيمة نجاة) والتي تعكس معاناة الشعب السوري وأطفال سوريا، في سلسلة نشرت على اليوتيوب، والذي يعمل عليه يضم عددا من الشباب السوريين والذي يرى أن اللجوء يشكل في البداية حاجزا كبيرا وعائقا، ولكن يجب على السوري أن يتخطى هذه المحنة رغم المعاناة التي يعيشها بشكل كبير ويومي، ويجب أن يعمل لبلده التي أعطته الكثير، ويتمنى أن تكون هناك جهة سورية معنية ترعى المواهب والطاقات السورية بشكل رسمي .
اندماج كبير مع المحيط
لم تكن المحنة التي عاناها السوريون إلا مرحلة كما يصفها الكثيرون، وبات العديد منهم قدوة للكثير من أبناء جيله من الدول المضيفة كألمانيا وتركيا والسويد وبلاد الوطن العربي أيضا، ويقارن السوريون بين حياتهم في ظل حكم الأسد القمعي والذي كان سببا في حجب الإبداعات السورية والمواهب الكثيرة واستخدام الطاقات للشباب السوري وبين حكومات تلك البلدان والتي تشجع على إظهار الطاقات الإيجابية والتي تفيد في بناء مستقبل تلك البدلان على عكس الأنظمة القمعية، وفي ألمانيا تحديدا كونها أكبر بلد أوروبي من حيث استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، وكانت بيئة حاضنة للشباب السوري والذين وجدوا فيها محيط مناسب لإطلاق الكثير من الأنشطة، “نور زياد صطوف” ولد في بيئة مثقفة في محافظة إدلب لجأ إلى ألمانيا منذ شهور ولم يردعه عدم الاستقرار عن متابعة إبداعه في الموسيقى والشطرنج والذي تتلمذ به على يد والده المربي والأستاذ، استطاع نور منذ أيام الفوز ببطولة ألمانيا بسبع نقاط من أصل سبع وفاز على أقرانه بلعبة الشطرنج واستحق أن حصد لقب بطل الشطرنج في المستوى (C) حيث قال: “طلبت من أحد الأشخاص المساعدة ليدلني على نادي شطرنج، وبالفعل بعد اخباري واخبار مستواي في اللعب قبلوني، ورغم أن تصنيفي في البداية كان صفر بحسب نجحت في التعاقد مع النادي حيث أصبح لدي أجرا رمزيا، وهذا قبل فوزي بالمباراة والانضمام للبطولة، لعبت في بطولة الماسترز في ألمانيا واستحققت المركز ٣٩ و حاليا أنا لاعب بنادي “برايتن فوربس” و بسبب لعبي الجيد بالدوري وبطولة الماسترز حصدت الجائزة والحمد لله”.
ويعيش نور وغيره في دول اللجوء وخاصة الأوروبية والتي توفر محيطا يتقبلهم بشكل جيد كي يشعرون فيما بعد بأن ما يطمحون إليه قابلا للتحقيق بعد معاناة وتهميش كبير، ويعيش السوريين بعد مرحلة الاستقرار
حالة تحول كبيرة ومصيرية في تقرير مصيرهم، وعكس اسم بلدهم في دول اللجوء و يدعو هؤلاء كل الشباب السوري لعدم الوقوف بعجز أمام مشكلة اللجوء والبعد عن الأهل وعدم الوقوف دون عطاء وحلم، لأن ذلك يعكس مستقبلا جديدا سيبني سوريا المستقبل، ولكن هذا يتوقف أحيانا على مدى الثبات على حلم الشباب وعلى توفر بعض الفرص بشكل جيد للبعض.
المركز الصحفي السوري – زهرة محمد