جريدة الجمهورية 15 – 5 – 2014
لا أذكر مِن سوريا إلاّ الدم»، تقول «نور» (11 عاماً) اللاجئة في لبنان. شهادات كثيرة مماثلة جمعتها المنظمة من دول الجوار السوري لترصد حياة موحشة وقاسية تبدأ منذ لحظات الإنجاب الأولى تحت نيران القصف، من دون القدرة على الوصول الى العناية الطبية خلال الولادة وقبلها وبعدها، وتستمرّ مع نقص الغذاء واللقاحات ومستلزمات الحياة الأولية.
شهادة أخرى في التقرير الذي حصلت «الجمهورية» على نسخة منه تختصر مشهداً بات مألوفاً في مخيمات اللجوء، تقول «زهراء» اللاجئة في لبنان إنّ «أطفالها الصغار لم يتذوّقوا أطعمة طازجة طوال سنة كاملة قبل الهرب من سوريا، واضطررنا للهرب في أول فرصة سنحت لنا عندما أقلّنا باص مخصص لـ24 راكباً حمل أكثر من مئة، ولم يتوقف خلال يومين، حيث أصاب الأطفال الجوع والعطش، وثيابهم بلّلها البول وكثرة البكاء، عذاب تلك الرحلة كان أقسى من سنة كاملة أمضيناها تحت الحصار».
ويورد تقرير سوريا الذي حمل عنوان «أمهات وأطفال سوريون دمرهم النزاع» انّ «أطفال سوريا يعايشون أنواعاً من العنف المركب»، وتقول إحدى الناجيات إنّ «العنف الجنسي هو السبب الرئيس في هربنا لا القصف ولا الدمار»، وتضيف رُحى (23 عاماً) :»لم نتمكن من التعايش مع هذا الواقع، ففي الشارع الذي كنا نقيم فيه، تعرّضت فتاة للإغتصاب أمام والدها عقاباً له، وهو قُتل بعد هذه الحادثة، وحاولنا مساعدة الفتاة التي بقيت حيّة، لكنها ماتت بطريقة مختلفة».
وفي حين يُعتبر العنف الجندري والإغتصاب سلاحاً رائجاً في سوريا، تُضاف الى اللائحة أسلحة أخرى، وتعتبر مديرة منظمة «أنقذوا الأطفال» انيتا باي بوندغارد في حوار مع «الجمهورية» انّ «نساء سوريا وأطفالها يحاولون الإستمرار في ظروف بالغة التعقيد والصعوبة، لأنهم انتقلوا للعيش في الدول المجاورة تاركين خلفهم كل ما يملكون، وهذا يرتب عليهم أعباءً نفسية ومادية هائلة من الصعب التعايش معها من دون مساعدة»، وأضافت انّ «مستقبل سوريا مرتبط بالواقع الذي يعيشه الأطفال اليوم بنحوٍ وثيق لأنهم بناة سوريا المستقبل، لذا يجب على المجتمع الدولي تدارك الأمر وتقديم مزيد من الدعم، والعمل لوصول المساعدات الى المناطق السورية التي ما زلنا غير قادرين على الوصول اليها».
وحسب إحصاءات صندوق الأمم المتحدة للسكان فإنّ أكثر من 2.9 مليون امرأة وفتاة سوريّة في سنّ الإنجاب بحاجة للمساعدة داخل سوريا وخارجها، ويُتوقع أن يصل هذا الرقم الى خمسة ملايين في نهاية 2014».
ويفسّر التقرير انّ «سوريا كانت قبل بدء الأزمة ذا دخل متوسط تقارب فيه إحصاءات وفيات الأمهات عند الولادة (70 على 100 الف)، وحديثي الولادة (15 على 1000) النسب العالمية التي تقدر بـ 60 على 1000 للنساء و13 على 1000 للأطفال، وتعود هذه النسب الى اعتماد البلاد على نظام صحي فعّال أمّن حداً معقولاً من معايير الرعاية الطبية، بما فيها تغطية شاملة لعمليات التلقيح والقابلات القانونيات والمراكز الطبية المتخصصة»، ويعتبر التقرير انّ «انهيار النظام الطبي في سوريا ترك ملايين النساء والأطفال للمعاناة».
ومن بين 178 دولة، وثّقت المنظمة حال الأمهات والأطفال فيها، حلت الدول الاسكندنافية في المراتب الأولى، وورد إسم لبنان في المرتبة 77، فيما كتب إسم سوريا باللون الأحمر دليلاً على هشاشة الوضع فيها وحلت في المرتبة 115، ووضعت مصر في المرتبة 117 والمغرب 121 والسودان 150 واليمن 162 والصومال في نهاية اللائحة 178، وغابت الأراضي الفلسطينية المحتلة نهائياً عن التقييم بسبب عدم توافر المعلومات