جلست تكسر حصالتها الصغيرة،لتعد ما جمعت من عملها في بيع الورود،كانت تنوي أن تشتري بعض الحلوى لتحتفل مع أمها واخيها ليلة رأس السنة، كانت حنين تغني بصوت منخفض بجانب أخيها المريض، وتنظر حولها إلى الغرفة التي لاتكاد تتسع لهم جميعا، بسقف تنهمر منه قطرات المطر على (التنكات) لترتطم القطرات بقعرها وتزعجها وتقطع أغنيتها،كانت أمها تلصق البطاقات المخصصة لعمل اليوم لتأخذها لرب عملها، في ركن صغير في الغرفة، كانت حنين تنظر لأخيها عمر بحب وعطف رغم أنها أصغر منه،إلا أن الثلاثة عشر ربيعا لم تعفها من مسؤوليتها تجاه أخيها الذي لايعرف ولايميز بسبب إعاقة عقله، كانت تريد أن تحضر له بالونا ملونا ليلعب به،في ليلة رأس السنة.
خرجت صباحا،لتبيع الورد،كانت تود العودة باكرا، لتفاجئ أهلها،جالت الطرقات تحت المطر الذي بدأ يتحول لقطع من الثلج، نظرت إلى السماء،وفرحت رغم شعورها بالبرد يتخلل أصابع قدميها الصغيرتين ويحولهما للون الأزرق.
بدأت تسرع،كي تدفئ جسدها بالحركة،وتدور على الناس وتحاول بيع المزيد من الورود،نادت بصوت مبحوح (اشتروا ورد،ورد جوري،أحمر، شوفو الورد،اشتروا ورد)..
كان المارة،يحملون الورود ويبتسمون، وأحيانا يكرمها الشاري ويدفع أكثر من السعر،ولكن حنين بدأت ترتجف بردا،لقد تأخرت،تركت حنين الوردتين المتبقيتين لأخيها فقد استطاعت جمع مبلغ لابأس به.
أسرعت إلى الشارع لتقطعه.وخطاها الصغيرة تسبق فرحتها، ولكن سيارة في الطريق، كانت تسبق كل شيء تحمله حنين في قلبها.
وقعت حنين،والورود الحمراء اختلطت بشعرها الأسود،ودمها الذي يسيل على الأرض،كان جسدها الصغير ينتفض،وفمها،يتمتم (كل عام وانت بخير أخي جبتلك سكاكر طيبين،وبالون..ماما جبتلك الوردات..)
على بعد شوارع كثيرة،كانت أم باكية تبحث عن حنين!!
المركز الصحفي السوري ـ زهرة محمد