هذه القصة بعنوان
صمت الحملان!!
كان صراخه يشق السماء، وعويله يسمع كل من في الأرض، لم تستطع رجولته الصمود أمام ذلك المشهد، جلس في زاوية بعيدة، يتذكر كيف كان قبل ساعات يجهز الغداء هو وزجته، بانتظار عودة محمد وجوري وعهد، أطفاله يحبون (الملوخية) كان يضع الصحون، ويساعد زوجته التي صعدت إلى السطح لتراهم قادمون من بعيد.
كانوا يركضون بفرح، كل شيء كان جميل واعتيادي، هو صوت بدأ يهدر بسرعة كبيرة، لم يستطع أن يفكر من أين يأتي وإلى أين سيهبط بغضبه!!
هي لحظة واحدة، غيرت كل شيء، توقف الزمن كان قلبه ينبض بشدة وعقله في حلة صدمة، خرج مسرعا، أخذ يعدو ككل من حوله، لم يدركوا جميعا ماذا حدث ولا أين، كان الكل يجري للامكان، الغبار يغطي كل شيء، كان الوقت يمشي ببطء والخطوات لا تسعف الجميع، أم محمد كانت تنادي
(لا مو ولادي، ولادي ما صرلن شي…يا عالم يا ناس
ولادي ما صرلن شي مو …)
كانت تمسك بيد أبو محمد والأثنين، يلهثان ويتمتمان كلمات غير مفهومة، لم يعرف كل منهما كيف يسيطر على جنونه وعويله، كانا يركضان فقط، وكل ما حولهم غير واضح وغير معلوم.
وصلا، وكانت سيارات الاسعاف، تدوي وتزيد جنونهم، لم يستطيعوا رؤية اولادهم، كانت الجموع تحوم وتبكي والأشلاء متناثرة، كانت الدماء تملأ الشارع، وكل واحد يجري ليتأكد من هوية الشهداء على الأرض، أبو محمد كان ينادي
كان يصرخ، (يا محمد..وينك يابي رد عليي…
لك يا جوري…وينك..يا عهد..يابي سمعوني صوتكن.. الملوخية على الطاولة ..ييله…قوموا …تعوا لعندي.. لك يا الله …دخيلك…يابي وينكن).
أبو محمد، يجلس الآن في الزاوية، ينظر لتلك الأقمشة البيضاء، التي تغطي حملانه الثلاث، والصمت يغيب صوتهم، كان ينظر بعجز ويأس يهد رجولته، ويغيب صوته الأجش خلف بكاءه العاجز، وحدها الكلمات التي يتمتمها كانت تشهد حزنه وغضبه وحقده، كان يقول بصمت، :هؤلاء الحملان الصامتون، سيتحولون للعنة تلاحق قاتلهم، يا رب انتقم، يا رب انتقم.
المركز الصحفي السوري ـ زهرة محمد