في كل بقاع العالم يكون السكن هو ملاذ الإنسان ومبعث كينونته ومحرك الأمان في داخله، أما في سوريا فالسكن قد يكون خيمةً أو مغارةً أو حتى مبنىً مهجوراً، والدافع هو تجنب الموت برداً أو حراً وليس الأمان أو الكينونة.
منذ بدء ثورة السوريين قبل عشرة أعوام كاملة اضطر المواطن السوري الثائر للتأقلم مع كل أنواع وأنماط السكن، بل وعاد لأنماطٍ قديمةٍ من السكن.
ومن تلك الأنماط التي سكنها السوريون بيوت الطين القبابية التي تتألف من غرفة دائريةٍ دون زوايا، تصنع بالكامل من الطين والقش اشتهرت بها الأرياف السورية في الخمسينات من القرن الماضي، ولكن ظروف الحرب أجبرت السوريين على العودة لها كما هو الحال مع العجوز أبي محمد 70 عاماً وهو عجوز بنى برفقة زوجته غرفة من الطين بعد غرق خيمته، قال:
” تبقى هكذا غرفة أكثر ثباتاً من الخيمة التي لا تصمد أمام أضعف الظروف الجوية، تعاونت مع زوجتي وبنينا هذا البيت الصغير ”
ومن الأنماط الأخرى سكن المغاور الموجودة في الجبال والسبب ليس الترف بالتأكيد، بل الهرب من القذائف والصواريخ التي يطلقها جيش النظام على المدنيين العُزّل.
ولا ننسى كذلك حفر الملاجئ تحت الأرض، وكلنا يذكر الأنفاق التي تركها جيش الإسلام في الغوطة، بعد اتفاق التهجير والتي حيرت مهندسي النظام، إذ أنها كانت تمتد لكيلومتراتٍ طويلةٍ وتضم مشافي ميدانيةً وملاجئ ومساكن تحت الأرض.
بالطبع كل هذه الأنواع الجديدة القديمة لا تُلغي النمط الأكثر انتشارًا في سوريا وهو المخيمات، فأعداد تُقدر بالملايين ماتزال تسكن في خيامٍ مهترئةٍ وممزقةٍ هرباً من نظامٍ أقسم أن يحرق البلد في سبيل بقاء الدكتاتور.
أضف إلى كل ما سبق المدارس والدور المهدمة وبيوت العبادة وظلال أشجار الزيتون، كل شيء في سوريا في ظل حكم النظام تحول لمكان لمأوى للنازحين والمهجرين، فوق الأرض وتحتها سواء بجدرانٍ أو بدونها بسقفٍ أو بلا سقف، وكأنّ قدر الأحرار أن يذرفوا الدم والدمع في سبيل تخليص الإنسانية من أعتى نظامٍ دكتاتوريّ عرفه التاريخ .
لكن….. يبقى أمل السوريين بيومٍ جديدٍ ينتهي فيه هذا الكابوس ويعودون لبناء وطنهم بعد زوال النظام وطغمته، وتنتهي فيه مآسيهم وتشردهم بعد تدمير مدنهم وقراهم بغعل أله الحرب والقصف الأسدية.
المركز الصحفي السوري
تقرير خبري/ ضياء عسود
عين على الواقع