هناك على سفح أحد الجبال خيمةٌ نائيةٌ مهترئةٌ، يملؤها الثقوب ويغطيها الوحل، لا تقي حراً ولا زمهريراً، يقطنها 5 أطفالٍ يتامى وأمهم ذات العشر سنوات، يقاسون التشرد والشتات بافتقارهم لأدنى مقومات الحياة.
هل كان تدمير #مخيم_اليرموك ( #فلسطين ) مقصودا لتغيير هويته؟
تجلس بيان ذات العشر سنواتٍ مرتديةً سترةً حمراء وبنطالاً ورديّ اللون مزركشاً، وسط تلك الخيمة البالية، التي تفترشها حصيرةٌ ممزقةٌ وبضع وساداتٍ من الإسفنج وبطانيات رقيقة بللتها مياه الأمطار ولوّثها الوحل.
تتفوه بيان الصغيرة بكلماتها البريئة، وقد رسمت على وجهها ابتسامةٌ تشبه هلال السماء لتنير بها ظلام المعانات، وقد جاور ابتسامتها الهلالية غمازتين كأنها نجومٌ لامعةٌ.
فتقول بنبرة صوتٍ طفوليةٍ رقيقةٍ “أنا اسمي بيان سليمان عمري 10 سنين أهلي ميتين، وأنا أهتم بأخواتي محمد وريم وبتول وربى ودلال”.
ثم تكمل بيان لتشرح كيف حولها اليتم والتشريد من طفلة تحمل حقيبة المدرسة لأمًٍ قويةٍ صبورةٍ تحمل ثقل الحياة وقساوتها وترعى 5 أطفالٍ دون معيلٍ، “اغسلن واطعمين واعملن كل شي لأخواتي، وهني بطلعوا يلعبوا برا وأنا أحوس الخيمة وأرتب كل شي، ونحنا ساكنين لحالنا بالخيمة”.
تخرج بيان من خيمتها لتنتشل الملابس من حبال الغسيل تمسك بها قطعةً تلو الأخرى لتتأكد من جفافها قبل جمعها، ثم تتسلق صخور الجبل باحثةً عن قطعٍ من القش لتشعل به النار علها تحظى وأخواتها ببعض الدفء بعد ساعاتٍ من العمل الشاق في الصقيع، لكن سرعان ما ينتهي بدقائق ما جمعته بساعات فتنطفئ النار ويعود البرد، تقول الصغيرة “نبرد كتير نشغل التنكة برا بس تمضى بسرعة” ثم تبتسم وتقول “اي ما معنا مصاري نشتري صوبة”.
يحل الظلام فيسكن الخوف قلوبهم الصغيرة في غياب أمان الأب وحنان الأم تقول بيان “بالليل منخاف كتير من الواويات والضبيع وسحاب الخيمة مخروب نربطه بالخيط”.
لم تتجاوز أحلام تلك الطفلة سوى نيل حقوقٍ بسيطةٍ يحظى بها أي طفلٍ في هذا العالم “بحب فوت على المدرسة وبتمنى يصير عندي ألعاب وبحب ألبس لبس كويس ويلبسوا أخواتي لبس كويس” .
تنحدر بيان من قرية عنجارة وتقطن في مخيمات جبال فدرة في ريف حلب، بعد أن شردتها آلة إجرام النظام حالها حال أكثر من 198 طفلاً يتيماً في الشمال السوري معظمهم نازحين بحسب ما أشارت تقارير في أواخر عام 2020 الماضي.
بقلم سدرة فردوس
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع