نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا للصحفيين ثوماس إردبرنك وسويل تشان وديفيد سانغيروت حول قبول إيران دعوة حضور جولة جديدة للمفاوضات بخصوص الحرب الدائرة في سوريا حيث ستجلس إيران مع من عادتهم لفترة طويلة بما في ذلك أمريكا والسعودية والذين لطالما سعوا لمنع إيران من أن يكون لها كلمة في مستقبل سوريا.
ويقول التقرير إن إشراك إيران في المفاوضات تمثل أول مرة اختارت أمريكا رسميا أن تتفاعل مع إيران دبلوماسيا بخصوص الشأن السوري.
ويأتي هذا بعد أكثر بقليل من ثلاثة أشهر على توقيع إيران للاتفاقية النووية التاريخية مع أمريكا وغيرها من القوى حيث وعدت إيران بإنهاء العزلة الاقتصادية عن إيران مقابل قيود على تخصيب اليورانيوم مع اقتراح توسيع دائرة التباحث بين الدول المعنية وإيران.
كما أشار التقرير إلى أن قبول إيران المشاركة في المفاوضات حول سوريا في فيينا وهو ما عرضته روسيا بعد أن أسقط الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري معارضتهما السابقة للفكرة يعكس مدى التغير السريع في ديناميكية الحرب.
وأن أمريكا وجدت أن الطريق الأفضل لإزالة الأسد من السلطة هو ايجاد حل سياسي مع روسيا وإيران بسبب قلقها من الدعم العسكري الذي تقدمانه للأسد.
كما بين أن في مشاركة إيران مؤشر على خروج إيران من عقود التهميش التي فرضتها عليها أمريكا، فقبل عامين فقط رفضت مشاركتها في مفاوضات السلام في سوريا بسبب الضغط الأمريكي. والآن مع تعزيز مكانتها بعد الاتفاقية النووية يبدو أن السيد كيري يريد أن يجرب إمكانية التعاون على نطاق أوسع مع إيران.
وأشار إلى العلاقة التي تطورت بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الإيراني خلال مفاوضات النووي قائلا إنه عندما يعود كيري إلى فيينا حيث تم توقيع اتفاقية النووي الإيراني في تموز/ يوليو الماضي سيواجه مفاوضا مألوفا هو محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الذي درس في أمريكا والذي تفاوض معه حول النووي الإيراني وطور الإثنان علاقة متميزة.
وعن التوتر الذي يمكن أن ينشأ بسبب مشاركة إيران قال التقرير إن رد فعل السعودية جاء بحذر وتشكك، فقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، للمراسلين في الرياض في مؤتمر صحفي مع وزير خارجية بريطانيا الزائر، فيليب هاموند: “إن كانوا جادين، سنعلم، وإن لم يكونوا جادين فسنعلم أيضا وسنتوقف عن تضييع الوقت معهم”.
وأشار التقرير إلى التحول في الاستراتيجية الأمريكية، فبينما كان كبار المسؤولين الأمريكيين يرفضون أي حل يبقى الأسد في السلطة يعترفون اليوم بأنه لا يمكن قيام مناقشة جادة حول خطة خلافة للأسد في سوريا دون إشراك إيران، والإيرانيون يعلنون أن الأسد خط أحمر وأن استبداله غير وارد ـ مع أنهم في الأحاديث الخاصة صرحوا بأن لا مانع لديهم من تغيير الأسد ـ بشرط أن يكون خليفته علويا.
وعن التناقض الذي يعيشه السياسيون الإيرانيون يقول التقرير إن قرار إيران حضور مفاوضات الشأن السوري والذي أعلنه الإعلام الإيراني يوم الأربعاء أرسل برسالة غامضة محليا، حيث كان آية الله علي خامنئي قال قبل عدة أسابيع أن أي مفاوضات إضافية مع أمريكا أمر ممنوع حيث وصف أمريكا بأنها العدو المستمر للثورة الإسلامية وأن أمريكا بحاجة لأن تبقى بعيدة بالرغم من الاتفاقية النووية.
وقال إن المحللين الإيرانيين لا يجدون تعارضا بين أقوال خامنئي ومشاركة إيران في المحادثات التي تشترك فيها عدة دول وليست أمريكا فقط.
ونقل عن حميد رضا طارقي وهو محلل سياسي في طهران ومقرب من خامنئي قوله: “حرم قائدنا أي علاقات ثنائية مع أمريكا أو أي محادثات توصل إلى إعادة العلاقات.. ولكن التفاوض في قضايا محددة أو إيجاد حلول لقضايا إقليمية وعلى أساس تعدد المفاوضين فهو مسموح به”.
أي مع أن الزعيم الروحي ينحاز إلى المتشددين إلا أنه يعطي الرئيس حسن روحاني والذي يدعو إلى انفتاح أكبر على بقية العالم، وقد تم التعاون فعلا بين إيران وأمريكا في العراق حيث تقاتل كلاهما تنظيم الدولة.
وقال فرشد غربانبور المحلل السياسي المقرب من الحكومة في طهران، “يجب علينا أن نشكر الرئيس روحاني لجهوده في الانفتاح على المجتمع الدولي والاتفاقية النووية.. فالآن نرى ثمار ذلك: فنحن نلعب دورا أكثر حيوية في الساحة الدولية”.
ويقول التقرير إن إيران سعت لهذا الدور بلهفة فهي تريد أن تثبت أنها هي وليست السعودية القوة الأكثر تأثيرا على النطاق الإقليمي.
ويسجل سيد حسين موسويان، وهو دبلوماسي إيراني سابق وأحد مفاوضي الاتفاق النووي ويعمل الآن أستاذا في جامعة برنستون: “هذا أمر مهم جدا لأن إيران تريد أن تظهر بعد الاتفاق النووي أنها جاهزة للتعاون في إدارة الأزمة في الشرق الأوسط.. لأن الزعيم قال إن تم التوصل إلى صفقة عادلة تحفظ ماء وجه جميع الأطراف فإن إيران ستوافق على خطوات متعلقة بقضايا أخرى وهذه خطوة كبيرة للأمام”.
وقال كليف كوبتشان، المختص بالشأن الإيراني ومدير مجموعة “يورو إيجيا”، إن التدخل الروسي لدعم الأسد جعل من الواضح أن الأسد باق لفترة وهذا جعل إيران تتشجع لحضور مفاوضات فيينا من موقع قوة.
وأضاف: “كلما توسعت الاتصالات الأمريكية الإيرانية لتتناول قضايا أوسع سيصبح من الأصعب على المحافظين الإيرانيين أن يمنعوا التعاون”.
وأشار التقرير إلى أن كلا من روسيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومصر والأردن وقطر والسعودية وتركيا والإمارات ستشارك في مفاوضات فيينا التي تبدأ الخميس وستنضم إليها إيران يوم الجمعة.
وليس واضحا إن كان الإيرانيون والسعوديون سيكونون في نفس الغرفة في نفس الوقت أم لا،حيث قال ظريف الشهر الماضي فقط “جيراننا السعوديون ليسو على استعدادا لمناقشة هذا القضايا معنا للأسف”.
وذكر التقرير أن مسؤولي الأمم المتحدة كانوا قد سعوا لسنوات لإشراك إيران في المفاوضات حول الشأن السوري إلا أنهم كانوا يواجهون معارضة شديدة من أمريكا. وليس أدل على ذلك من تصريح بان كي مون في شهر كانون ثاني/ يناير 2014 بأنه وجه دعوة لحضور إيران مفاوضات جنيف ولكن اضطر لسحب الدعوة في اليوم التالي بسبب معارضة أمريكا لذلك.
ليرحب بالأنباء يوم الأربعاء قائلا “إنه كان دائما يعتقد ضرورة أن تلعب إيران دورا في الحوار الدائر حول الأوضاع في سوري”.
عربي21