سوريون هربوا من الموت و آلام الحرب و مشاهد القتل والدمار في بلادهم عبر رحلة وسط البحار خاضوا فيها الصعاب ليصلوا لشاطئ الأمان بحثا عن مأوى يقيهم من ظلم الأيام و ذل نظام يزعم محاربة من دأب على تسميتهم ب “الإرهابيين”.
قدمت دول الاتحاد الأوروبي تسهيلات عدة لاستقبال اللاجئين السوريين لكن بنسب متفاوتة، و احتلت ألمانيا المرتبة الأولى باستقطاب أكبر عدد منهم وسط تشجيعات و قرارات لجذبهم بحجة حمايتهم و انتشالهم من واقعهم الأليم.
تعلم اللغة الألمانية هي أول مهمة يجدر على السوريين القيام بها للانخراط والاندماج في مجتمع غربي يختلف كليا عن البيئة السورية اجتماعيا و ثقافيا و حتى بالعادات والتقاليد المتعارفة .
إذ يعاني السوريون بعد وصولهم لأي دولة أوروبية من صدمات و ضغوط نفسية متراكمة جراء الحرب لتظهر نتائجها مع صعوبة التأقلم و اعتياد حياة الرفاهية والراحة مقارنة مع حياتهم السابقة في سوريا.
أكثر من مليون لاجئ سوري وفدوا لألمانيا منذ بداية هذا العام معظمهم من المسلمين، الأمر الذي أقلق و سبب تخوف الحكومة من تقويض الهوية الألمانية .
و من هذا المنطلق نشأت فكرة ” اتبعوا القواعد ” وهو برنامج يتوجه للعرب والسوريين على وجه الخصوص كونهم الشريحة الأكبر، بدأ عرض البرنامج نهاية شهر أيلول على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة لا تجاوز الخمس دقائق و نظرا لنجاحه قامت قناة ” إن تي في ” بتبني الفكرة وتحويله لبرنامج تلفزيوني سيقدمه الألماني ” قسطنطين شرايبر” بعربية متقنة و ذلك نقلا عن وكالة ” غرم نيوز”.
و الهدف من البرنامج مساعدة اللاجئين على الاندماج في المجتمع الألماني من جهة و إزالة مخاوف الحكومة الألمانية من تلاشي هويتها من جهة أخرى، وسيتضمن البرنامج أجزاء باللغتين العربية والألمانية.
و كانت أول حلقة بثت على مواقع الإنترنت تحت عنوان نحن الألمان، تحدث فيها شرايبر عن بعض العادات و التقاليد المتبعة كضرورة احترام القواعد و إشارات المرور و العبور وعلامات الطرق، وقدم نصيحة للاجئين مفادها تجنب إرسال رسائل قصيرة على الهاتف النقال للألمان في فترة المساء لأن ذلك سيضايقهم في فترة راحتهم بعد يوم عمل شاق .
و تلقى البرنامج عددا من الرسائل أحدها من مواطنة سورية تثني على جهود البرنامج و تقول أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما يجدون صعوبة في تعلم اللغة الألمانية و تطلب من شرايبر مواصلة تقديم البرنامج للحصول على المزيد من المعلومات كون البرنامج يقدم باللغة العربية .
و حملت الحلقة الثانية عنوان ” القانون الاساسي الألماني والشريعة ” و هذه الحلقة عبارة عن رسالة موجهة للمسلمين العبرة منها أن لا قانون يعلو على الدستور الألماني .
وقال “شرايبر” لمشاهديه وفي الخلفية صورة لمبنى البرلمان إنّ حرية العقيدة وحرية التعبير وحرية التجمع هي مجرد ثلاثة من الحقوق الرئيسية التي يكفلها القانون الأساسي الألماني.
أينما ذهب السوري يجد قيودا وقوانين جديدة تفرض عليه، و رغم تعاطف الحكومة الألمانية مع اللاجئين السوريين إلا أنها تضع مصالحها في المقدمة محاولة بشتى الوسائل دمجهم في مجتمعها لتعزيز هويتها و قوميتها و طمس معالم الإسلام، لكنها تناست أن قلوبهم معلقة بوطنهم سوريا وبعاداتهم وقيمهم و أخلاقهم.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد