وحضر المشتبه به الرئيسي أنور رسلان (57 عاما) بصفته عقيدا سابقا في جهاز أمن الدولة وهو ملاحق بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية.
ويتهمه القضاء الألماني بالمسؤولية عن مقتل 58 شخصا وعن تعذيب ما لا يقل عن أربعة آلاف آخرين من أبريل/نيسان 2011 إلى سبتمبر/أيلول 2012، في فرع الخطيب الأمني، الذي كان يديره في دمشق.
كما مثل أمام محكمة كوبلنس، إياد الغريب (43 عاما) الذي غطى وجهه بقناع، وهو متهم بالتواطؤ في جريمة ضد الإنسانية لمشاركته في توقيف متظاهرين تم اقتيادهم إلى هذا السجن بين الأول من سبتمبر/أيلول و31 أكتوبر/تشرين الأول 2011.
“دور محوري”
وأكد المدعي العام جاسبر كلينغ أن العسكري السابق الذي وصل إلى ألمانيا كطالب لجوء في 26 سبتمبر/أيلول 2014 “كان يعلم حجم أعمال التعذيب” التي كانت ترتكب في مركز الاعتقال الذي كان يشرف عليه، مشددا على “الدور المحوري” لأجهزة الاستخبارات في القمع الدموي للثورة الشعبية التي انطلقت في مارس/آذار 2011.
وبحسب الاتهام “ارتكبت جرائم قتل بحق معتقلين في هذا السجن الواقع شمالي شارع بغداد في دمشق تحت إشرافه ومسؤوليته لانتزاع اعترافات ومعلومات عن المعارضة” في سوريا.
ووصف المدعي العام شروط الاعتقال في السجن بأنها “غير إنسانية” واصفا زنزانات “مساحتها 50 متراً مكعب يتكدس فيها 140 معتقلا وسط درجات حرارة مرتفعة جدا” ولم يكن في إمكانهم الجلوس أو الاستلقاء.
وأمام ستة من الضحايا أشار المدعي العام إلى الصعق الكهربائي الذي تعرض له المعتقلون وخصوصا من بينهم امرأة تم توقيفها في دمشق في مايو/أيار 2011 .وخلال استجوابها تعرضت أيضا للاغتصاب.
فر الرجلان من سوريا ووصلا إلى ألمانيا حيث طلبا اللجوء على غرار مئات آلاف السوريين منذ تسع سنوات. وهما موقوفان قيد الحبس الاحترازي منذ اعتقالهما في 12 فبراير/شباط 2019.
ويقول أنور رسلان إنه انشق في أواخر 2012 وتفيد عدة وسائل إعلام أنه انضم إلى صفوف المعارضة في المنفى قبل أن يصل إلى ألمانيا في 26 يوليو/تموز 2014، وهو يواجه عقوبة السجن المؤبد.
وتجري المحاكمة في ألمانيا عملا بمبدأ “الولاية القضائية العالمية” الذي يسمح لدولة ما بمقاضاة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان وقوع جريمتهم.
وتقول منظمات غير حكومية إنها الوسيلة الوحيدة لمقاضاة مسؤولين لأن رفع أي قضية إلى المحكمة الجنائية الدولية مستحيل بسبب استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو).
واستند المحققون بصورة خاصة إلى إفادات ضحايا عانوا من شروط اعتقال “لاإنسانية ومذلة” بحسب القضاء وتمكنوا من الوصول إلى أوربا.
ومن المتوقع أن تُعرض خلال المحاكمة صور من بين آلاف التقطها مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف عنه باسم مستعار هو “قيصر”، تمكن من الهرب من سوريا صيف عام 2013 حاملا معه 55 ألف صورة مروعة تظهر جثثا تحمل آثار تعذيب، كما سيتعاقب شهود وضحايا سوريون للإدلاء بإفاداتهم.
“تعذيب “وحشي”
بحسب النيابة العامة، فإن المعتقلين في سجن الخطيب الذين شارك العديد منهم في التظاهرات المطالبة بالحرية والديموقراطية التي شهدتها سوريا في سياق تحركات “الربيع العربي، تعرضوا “للكم والضرب بالعصي والأسلاك والجلد” كما خضعوا ل”الصعق بالكهرباء”.
وتضيف أنه تم تعليق البعض من معصمي كل منهم “بحيث لا يلامسون الأرض إلا برؤوس أقدامهم” و”استمرّ ضربهم في هذه الوضعية”، مشيرة كذلك إلى “حرمانهم من النوم لعدة أيام”.
وجاء في بيان الاتهام أن “وسائل التعذيب الجسدية والنفسية الوحشية” كانت تهدف إلى انتزاع “اعترافات ومعلومات حول المعارضة”.
ونفى بشار الأسد ردا على سؤال حول محاكمة أنور رسلان حصول أي أعمال تعذيب، في مقابلة أجرتها معه شبكة “آر تي” الروسية القريبة من الكرملين في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وفاة ما لا يقل عن 60 ألف شخص تحت التعذيب أو نتيجة ظروف الاعتقال المروعة في سجون النظام السوري.