منذ اندلاع الثورة أصبح السوريون في مواجهة أخطار من كل نوع، بدءاً من تحصيل لقمة العيش اليومية، وانتهاء بالبقاء على قيد الحياة، والتي باتت مهددة على نطاق واسع مع طول أمد الحرب، ولعل الأطفال هم الضحية والقضية الأكثر تعاطفا، فخرج آلاف المهاجرين من سوريا، آملين مستقبلا أفضل لأطفالهم، للبحث عن مكان لا يهدد حياتهم، ولكنهم تعرضوا لمآس لا تقل شدة عما يواجهوه في سوريا .
أنور طفل ذو الأربعة عشر عاما، فقد بصره في إحدى عينيه جراء تعرضه لحادث سقوط أثناء عبوره مع عائلته برا من سورية إلى الأردن، بحثا عن مكان آمن، مما جعله في حالة نفسية يرثى لها، تذرف أم أنور دموعها وهي في حالة من الحزن والألم وهي تحكي قصة ابنها، فهو يعاني عن عتمة في العدسة وهو بحاجة إلى عملية تغيير لعدسة العين مع زراعة عدسة أخرى داخل العين بكلفة تصل إلى حوالي 1000 دينار .
وتبين أنها حاولت توفير المبلغ ولكن إمكانيات الأسرة تحول دون ذلك، من خلال طرق أبواب جمعيات خيرية ومراكز طبية، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل، فقد اضطر إلى ترك مدرسته وحرمانه من ممارسة جميع أنواع اللعب، خوفا عليه من التعرض إلى أي عرض يمكن أن يفاقم ويضاعف من مشكلة عينه.
وتقول والدته إن الأسرة تقف عاجزة عن إعادة الحياة الطبيعية إلى أنور إذ أصبح في حالة معقدة جدا، ناهيك عن حالة تكسير بعض الأدوات والصراخ في المنزل في حال الضغط عليه ومنعه من الخروج للعب خارج المنزل بناء على توصيات طبية، إذ يضطر إلى عزل نفسه بعيدا عن أقرانه .
عزام طفل آخر قررت عائلته والتي كانت أيضا في إحدى مخيمات اللجوء بالأردن، البحث عن بديل أفضل لطفلها ,فقررت اللجوء الى أوروبا بلاد السلام, وفي الطريق فقدت ابنها عزام في العاصمة الصربية بلغراد، حيث أخذه رجل من مشفى ادعى أنه والده قبل إتمام علاج فكه المكسور.
ويقول مراسل هيئة الإذاعة البريطانية، إنه التقاه لآخر مرة في مدينة بلغراد، حيث كان في المشفى، وبعد تصويره بالأشعة لمعاينة إصابته اختفى مع رجل غريب، وقالت طبيبة المركز الطبي في مدينة بلغراد أنه حمل الطفل وركب سيارة الإسعاف، وخرج من المنطقة، ليمحي مع خروجه آمال عائلته التي لطالما بحثت له عن حياة كريمة، لتفقده آخر المطاف وربما فقد حياته أيضا.
وتعتبر قصة هذا الطفل، واحدة من بين آلاف الأطفال الذين ضاعوا في طريق اللجوء إلى أوروبا، ولا يعرف عددهم على وجه التحديد .
كثيرة هي معاناة أطفال اللجوء، أطفال سلبت طفولتهم وضاعت أحلامهم، فقرروا الحصول على جزء منها في رحلتهم ليخسروا أكثر و يواجهوا مخاطر أشد بطريقة أخرى .
سالم البصيص — المركز الصحفي السوري