سجلت أحدث مؤشرات تتبع حركة الأسواق العالمية انحسارا ملحوظا للأسعار وذلك للشهر الثاني على التوالي منذ اندلاع الأزمة في شرق أوروبا، على الرغم من أن تداعياتها لا تزال تضرب تجارة الحبوب.وفق جريدة العرب
وذكرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) الجمعة أن “أسعار الغذاء تراجعت في مايو الماضي، بعد أن سجلت مستوى قياسيا في مارس الماضي، لكن تكلفة الحبوب واللحوم ارتفعت”.
ولدى المتابعين قناعة بأن التعافي الذي طرأ على أسعار الغذاء لا يعكس واقع الأسواق العالمية التي تأثرت بعدة أزمات خلال الأشهر الأخيرة، وخاصة تداعيات الأزمة في شرق أوروبا على مجمل الأنشطة الاقتصادية وسلاسل الإمدادات.
وبلغت أسعار الغذاء على مؤشر المنظمة الأممية، الذي يشمل السلع الأكثر تداولا على مستوى العالم، في المتوسط 157.4 نقطة الشهر الماضي مقابل 158.3 في الشهر السابق.
وعلى الرغم من انخفاضه على أساس شهري، إلا أن مؤشر مايو كان أعلى بنسبة 22.8 في المئة عن العام السابق، مدفوعا جزئيا بالمخاوف من تأثيرات الحرب الروسية-الأوكرانية.
وفي تقديرات منفصلة للعرض والطلب على الحبوب، قالت فاو إنها “تتوقع انخفاضا لإنتاج الحبوب العالمي في موسم 2022/2023 للمرة الأولى في أربع سنوات”.
ويتوقع خبراء المنظمة هذا التراجع بمقدار 16 مليون طن عن مستوى قياسي في العام الماضي بلغ حوالي 2.78 مليار طن.
وأشارت بيانات وزارة الزراعة الأميركية في وقت سابق هذا الأسبوع إلى أن إنتاج القمح العالمي سينخفض إلى 774.8 مليون طن في الموسم الحالي مقارنة مع 779.29 مليون طن على أساس سنوي.
وبينما تراجعت مؤشرات أسعار منتجات الألبان والسكر والزيوت النباتية، ارتفع مؤشر اللحوم ووصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق وزاد مؤشر الحبوب 2.2 في المئة مع صعود القمح بنسبة 5.6 في المئة على أساس شهري.
وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار القمح بنسبة 56.2 في المئة بعدما انخفضت الإمدادات هذا العام جراء الحرب التي أوقفت الشحنات من إحدى أهم مناطق التصدير في العالم، ودفعت أسعار الحبوب إلى تسجيل زيادة حادة وأثارت مخاوف من أزمة غذاء عالمية.
كما انضاف تحرك الهند خلال الآونة الأخيرة لحظر الصادرات والطقس السيء في الولايات المتحدة إلى المخاوف المرتبطة بوفرة الحبوب الغذائية، التي تركت الكثير من الحكومات تلهث وراء تأمين شحنات من أسواق بديلة.
وقالت فاو في بيان إن “أسعار القمح زادت بسبب إعلان الهند حظرا على التصدير إضافة إلى تراجع توقعات الإنتاج من أوكرانيا بسبب الغزو الروسي”.
وتتجه أستراليا صوب إنتاج قياسي للقمح لثالث عام على التوالي في 2022 بدعم من طقس جيد في أنحاء مناطق زراعة الحبوب، الأمر الذي يخفف المخاوف العالمية من قلة الإمدادات.
ووفق تقديرات أيكون كومودوتيز للسمسرة، أنهى المزارعون في أستراليا، التي باتت ثاني أكبر مصدر للقمح في العالم الموسم الماضي، زراعة محصول العام الحالي على مساحة بلغت 35.7 مليون فدان وهي أعلى مساحة على الإطلاق.
ورغم أنه من السابق لأوانه تحديد الحجم الكلي لمحصول 2022/2023 الذي يجري حصاده بحلول نهاية هذا العام، بدأ تجار ومحللون يتوقعون أن يتراوح بين 30 و35 مليون طن، وهو ما لا يبتعد كثيرا عن محصول 2021/2022 الذي تجاوز 36 مليون طن.
وتفاقم التضخم مؤخرا مع فرض الدول الغربية بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات غير مسبوقة على روسيا التي تعد من أبرز منتجي موارد الطاقة ومصدري المواد الغذائية في العالم.
وبدأت أسعار الغذاء العالمية في الارتفاع منذ مطلع 2021 نتيجة السياسة غير المسؤولة التي اتبعتها البنوك المركزية الغربية لمواجهة آثار الأزمة الصحية لتظهر انعكاساتها الحادة منذ أواخر فبراير الماضي.
وعمدت هذه البنوك إلى ضخ عشرات التريليونات من عملات الدولار واليورو والجنيه الإسترليني غير المدعومة في الاقتصادات الغربية الأمر الذي أجج مستوى أسعار الاستهلاك في كل دول العالم وخاصة في الاقتصادات النامية.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع