“أصبت في قصف لقوات النظام في دمشق، تناثرت الشظايا في جسدي، ولا أستطيع التبول، أحتاج لجهاز ثمنه 65 ألف ليرة تركية، لأنه غير متوفر في المشافي التركية، وأبحث عن من يعينني فيه”.
أسامة 27( عاما) دمشقي التقيته عند أبي أحمد صديقي الحلاق الدمشقي في مدينة الريحانية.
عادةً ما أحلق شعري عنده رغم بُعد صالونه عن منزلي، فحديثه واهتمامه وتواضعه يجعلني لا أرغب بغيره.
” دبرت عروس ولا لسا، شو ما أخدت الجنسية”؟! وغيرها من تفاصل الحياة التي يهتم بها هذا الشاب اللطيف.
ذهبت إليه الأسبوع الماضي دخلت وسلمت عليه. أجلسني على الكرسي. بدأ بتعقيم الموس وعدة الحلاقة سريعا وهو يحدثني بكلامه المعتاد ” لاقيت عروس ولا لأ..مشي حال الجنسية..عم تشوف صاحبك عمار..مر علي هداك اليوم حلق وراح لعند بيت العم”.. قطع كلامه هذه المرة صوت فتح باب الصالون. نظرت للمرآة، فدخل شاب يمشي بعكازين بهدوء وبطء! أشقر وكثيف الشعر، وجهه أبيض يشوبه شحوب وذبول في العينين. وكأن مآسي الحياة ألقيت على ظهره.
لم أجرؤ بدايةً على سؤاله شيئا. استمعت لحديث أبي أحمد معه يسأله عن حاله ومرضه، وهو يجيبه :” والله لسا ما مشي الحال..بعين الله”.
-” أخي شو بتشرب”؟ نسكافيه ولا قهوة”؟
– ” سلامتك أخي..
– لا والله مابصير..رح اعملك نسكافيه..بتشرب؟
– أي تمام شكرا..
ببطء وتؤدة يمسك ركوة القهوة ويحضر النسكافيه، وأبو أحمد يقص شعري. وأنا أنظر لنفسي تارة وللمرآة تارة أخرى، أراقب الشاب، وأخشى أن يقع على الأرض ويتأذى أو يتألم.
قدم لي فنجان النسكافيه، ثم جلس. كانت ملامحه تخفي حزنا أعظم من جبل! أمعن النظر فيه فإذا ما نظر إلي أغض بصري عنه.
قررت أن أسأله مع خوفي من سماع قصة مؤلمة. فمنظر أسامة ووجهه يخبئان وراءهما أسى كبير!
-” خير أخي شو صاير معك”؟
– والله عندي شظايا بالمنطقة البولية ما بحسن اتبول نظامي، مركب قثطرة
وعملت عمليات كتيرة وكلها فشل الحمد لله رب العالمين.
صابتني قذيفة للنظام بالشام. طلعت عالمحرر وزوجتي ما كانت تطلع، قال لوين بدها تترك البيت وتروح؟ عالخيم ؟ والحياة الصعبة والمجهول! بقيت هي بدوما مع بنتي وانا طلعت عشان اتعالج”.
سألته ماذا قال لك الأطباء في تركيا؟ قال لي أنه خضع لعمليات عدة بغير فائدة.
وأخبره الأطباه أنه يحتاج لجهاز بولي يكلف 65 ألف ليرة تركية لا يتوفر في المشافي!!!
طلبت من أسامة رقم هاتفه لأحادثه لاحقا وأسعى لمساعدته مع من أعرف، أو أنشر قصته المؤلمة على الإعلام، فهو لا قريب له هنا في تركيا..لا أب أو أخ ، زوجته وابنته في دمشق، وهو وحيد يعاني الفقر والألم بمفرده، لا يستطيع العمل ولم يتكفله أحد. حتى دار الجرحى التي يسكن فيها مؤقتا، تقدم له كل 4 أشهر 4 مئة ليرة تركية!
يحتاج أسامة لمنظمة أو أي جهة تساعده في الحصول على هذا الجهاز الذي سيمكنه من المشي، والتخلص من العكازين والتبول بسهولة ويتخلص من القثطرة بشكل نهائي..
فهل من آذان صاغية وهمم داعمة!!
محمد إسماعيل
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع