في كل عام مع اشتداد البرد وانخفاض درجات الحرارة لأدنى من معدلاتها بكثير، يصبح حديث السوريين عن وقود التدفئة والغاز شغلهم الشاغل، فحياة الحرب وصعوبة تأمين مازوت التدفئة والغاز جعل من فصل الخيرات والأمطار كابوسا يرهقهم وتطول معاناتهم لحين رحيله.
ويشهد سعر مازوت التدفئة بكافة أنواعه استقرارا ولعل السبب عزوف كثير من السوريين عن اقتنائه وتوجههم لمصادر أقل تكلفة كالحطب والبيرين أو الخشب وغيرها، رغم أنها ليست رخيصة إلا أنها تدوم وتؤمن دفئا لفترة أطول، ومع اقتراب موجات الصقيع والثلوج بات السوريون يجهزون مؤونتهم من الوقود ويستعدون لاستقبالها على مضد، أما الفقراء منهم فحلولها بالنسبة لهم أشبه بكارثة أشد وطأة من الموت بحد ذاته.
لكن ماذا عن الغاز؟ ولم عزف السوريون سواء في المناطق المحررة وحتى في مناطق سيطرة النظام عن استعماله كوقود للتدفئة بعد أن لجؤوا إليه في بداية فصل الشتاء؟.
لعل طوابير الأهالي الواقفة تواجه قهر البرد في مناطق سيطرة النظام برفقة أسطوانة الغاز الفارغة خير مجيب عن تساؤلنا، يحدثنا أبو هاني من مدينة دمشق عن معاناته:” وجوه العائلة تصبح شاحبة، والحزن يعتلي ملامحنا وكأننا في عزاء عندما تنفذ أسطوانة الغاز، فاضطر لحملها من مكان لآخر والوقوف لساعات طويلة أمام مراكز التوزيع، ولا تنتهي المعاناة عند هذا الحد، فكثيرا من الأحيان أعود بها فارغة على أمبل أن أستبدلها في اليوم التالي بعد أن يصرخ الموزع (نفقنا الله معكن)، وأخيرا أستبدلها من السوق الحرة ب5 أو 6 آلاف على حسب”.
ويعود السبب في هذه الأزمة بالدرجة الأولى لسيطرة عناصر تنظيم الدولة على حقل الشاعر النفطي قرب تدمر، وكشف مصدر مسؤول في وزارة النفط والثروة المعدنية لـصحيفة «الوطن» الموالية عن قرب وصول ثلاث ناقلات محملة بمادة الغاز المسال خلال الأيام القادمة، حيث ستصل الناقلات الثلاث على التتابع، وذلك في خطوة لسد النقص الحاصل في إنتاج الغاز المسال نتيجة خروج حقل الشاعر للغاز عن الخدمة مؤخراً، ولتلبية الطلب المتزايد على المادة.
ويروي لنا محمد من مدينة دمشق ماحدث معه في أحد مراكز التوزيع:” مسؤولو النظام كعادتهم لا يأبهون لمعاناة المواطن، ولم لا فالغاز والمازوت يصل لخدمتهم دون تعب، ومنذ أسبوع أحاول استبدال أسطوانة الغاز دون جدوى، بسبب تهافت الشبيحة واختراقها الدور واستنفاذها للكمية، كان الله بعوننا”.
ليست مناطق المعارضة أوفر حظا بل على العكس، فقد وصل سعر أسطوانة الغاز لأكثر من 10 آلاف ليرة إن وجدت، ما أدى للجوئهم لاستعمال “ببور” الكاز للطبخ، والأزمة في تفاقم مستمر مع ارتفاع سعر الأسطوانة يوما بعد يوم في ظل الواقع المادي المتردي ال ذي يعيشه السوريون، فهل سيفي مسؤولو النظام بوعودهم وستحل هذه الأزمة قريبا؟، أم أنها مجرد وعود وسيستمر سعر الغاز بالارتفاع؟.
مجلة الحدث ـ سماح الخالد