الكاتب: تشارلز ليستر
ترجمة: محمد المحمد
بالأمس أخبر ديفيد كاميرون البرلمان بأنه يوجد في سورية قرابة 70 ألف مقاتل سوري ثائر متواجدين على الأرض، لا ينتمون إلى الجماعات المتطرفة، يمكن أن يكونوا عوناً لقتال الدولة الإسلامية.
وهذا العدد الذي ذكره رئيس الوزراء جاء نتيجة لتقييم داخلي، قدمته لجنة الاستخبارات المشتركة JIC، بدعم من خدمة الدبلوماسيين البريطانيين المنتشرين في الخارج، الذين يتركز عملهم على المعارضة السورية. إن رقماً ضخماً كهذا صدم الكثيرين واعتبروه مبالغة سياسية. وقال جوليان لويس، رئيس لجنة الدفاع، إنه كان “متفاجئاً للغاية”. ومن المحتمل أن يطلب جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال، رسمياً، التوضيح. إذاً، هل هؤلاء المقاتلين موجودون، ومن هم؟
لا شك أن النقاش يتركز بشكل رئيسي حول قضية ما يعنيه أن يكون في سورية “جماعة معارضة مسلحة معتدلة”. وبغض النظر عن العاصفة التي أحاطت ببيان هذا الصباح، فقد أصبح لهذه القضية أهمية خاصة في الآونة الأخيرة، حيث يناقش الدبلوماسيون الدوليون من يجب أن يشارك في المستقبل في عملية السلام في سورية ومن يجب ألا يشارك.
بينما تتسارع الجهود الدبلوماسية حول سورية، وبينما تستعد المملكة العربية السعودية لاستضافة مؤتمر كبير يجمع ما بين 60 إلى 80 ممثلاً عن المعارضة واسعة الطيف، فإن تعريف “معتدلة” قد تغير. فالتعريف الأكثر عالية الآن يجب أن يُبنى على تقييم يجمع بين: أ. ما الجماعات التي تصرح بكونها معادية لداعش. ب. ما الجماعات التي تريدها حكوماتنا، أو تحتاجها لتشترك في العملية السياسية.
ولدى دراستي المعارضة السورية المسلحة منذ الأشهر الأولى لاندلاع الانتفاضة في سورية في منتصف العام 2011، أستطيع أن أقول، بدون أدنى شك، أن رئيس الوزراء ولجنة الاستخبارات المشتركة JIC، هما على صواب تقريباً.
إن العديد من الجماعات التي تقع ضمن هاتين الفئتين، هي فصائل مسلحة كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، والتي لا تميل إلى الإسلاميين، قد تفحصتها وقيّمتها على أنها “معتدلة”، بما يكفي، لتلقي مساعدات فتاكة. وينظر السوريون إلى بعض الجماعات الأخرى – بعض هذه الجماعات من الإسلاميين المعتدلين – على أنهم أعضاء في نهج الثورة العام بشكل قاطع، لأن لهم جذوراً راسخة داخل المجتمعات المحلية. ولو جمعنا تلك الفصائل كلها، فلربما أصبح لدينا ما يقارب من 65 ألف مقاتل. ويبدو أن ممثلين عن جميع تلك الجماعات هم مدعوون إلى المملكة العربية السعودية لحضور مؤتمر المعارضة في أوائل كانون الأول، هذا المؤتمر الذي يحظى بتسهيلات دولية، وهم على النحو التالي:
التجمع | مناطق العمليات | القوة البشرية |
الجبهة الجنوبية (58 فصيل) | درعا، القنيطرة، دمشق | 25 ألف |
الجيش الحر الشمالي (14 فصيل) | حمص، حماه، إدلب، حلب | 20 ألف |
تجمع فاستقم كما أمرت | حلب | ألف |
ثوار الشام | حلب | ألف |
حبهة الأصالة والتنمية | القلمون، حمص، حماه، حلب | 5 آلاف |
الجبهة الشامية | حلب | ألفان وخمسمئة |
كتائب نور الدين الزنكي | حلب | ألف وخمسمائة |
فيلق الرحمن | دمشق | ألفان |
فيلق الشام | حمص، حماه، إدلب، حلب | 4 آلاف |
الاتحاد الإسلامي أجناد الشام | دمشق | 3 آلاف |
وهناك قرابة 25-30 فصيل آخر يمكن أن يندرجوا تحت تصنيف “معتدلة” من غير المرجح أن تتم دعوتهم إلى مؤتمر المعارضة الضخم في الخارج، نظراً لصغر حجمهم مقارنة مع من سيحضرون. ولو جمعنا أعداد هذه الفصائل الصغيرة لأصبح لدينا عشرة آلاف مقاتل آخر.
إن تلك الفصائل، التي يراوح عديدها بين 105 و110 فصائل، والتي تضم ما مجموعه 75 ألف مقاتل، تمثل، وعلى نطاق واسع، ما يمكن أن نسميه اليوم “معتدلة” وفق الحالة السورية. وهذا يعني أن تلك الفصائل، وبشكل صريح، هي فصائل وطنية فيما يتعلق بنظرتهم الاستراتيجية، وفيما يتعلق بعضوية تلك الفصائل فإن عناصر تلك الفصائل من المواطنين السوريين، كما أنهم يسعون بالعودة بسورية إلى وضعها التاريخي كأمة متجانسة تضم طوائف متعددة، يحظى فيها جميع الأعراق والأجناس والطوائف بمنزلة متساوية أمام الدولة والقانون. وما يزال تركيزهم منصباً على محاربة نظام الأسد، وهذا على كل حال، يشكل لهم أولوية آنية أكثر إلحاحاً من غيرها؛ أي أكثر من حماية أنفسهم، أو الدفاع عن السكان المدنيين، وبطبيعة الحال، أكثر من ما ستؤول إليه الثورة. ويزداد الأمر تعقيداً إذا ما نظرنا إلى أبعد من هذه الفصائل.
إن التحدي الأكبر اليوم، الذي يواجه صناع السياسة، هو ضمان مقدرة تلك الفصائل، التي ستوقع وتقر أي اتفاق سياسي مستقبلي يتعلق بسورية، على فرضه بشكل جدي، وإمكانية تطبيقه على أرض الواقع.
أما ما وراء الفصائل المسلحة المذكورة أعلاه، فإنه لدينا جماعتين ضخمتين تسيطران على حركة المعارضة في سورية، هما: جيش الإسلام وأحرار الشام. كلاهما حركات إسلامية محافظة بشكل معلن، ويمتلكان معاً ما قوامه 27500 مقاتل تقريباً في الميدان. ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية، ولسنوات عدة، منعت دبلوماسييها من الاتصال مع الحركتين الأكثر تشدداً، إلا أنه يبدو أن هاتين الحركتين مدعوتين لحضور مؤتمر المعارضة في المملكة العربية السعودية. حتى أن تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية حاولت إحضار ممثلين عن الفصيلين إلى المحادثات الوزارية الأخيرة، التي جرت في فيينا في 14 تشرين الثاني.
بالتأكيد فإن هاتين المجموعتين، ولعل هناك عدد أصغر من جماعات أخرى، ليسوا حلفاء طبيعيين للغرب، وهذا لا شك فيه. إلا أن تلك الجماعات تعارض بشدة وجود داعش في سورية، وقاتلوها بنجاح في الماضي، وحققوا نتائج أفضل بكثير مما حققه الأكراد، حلفاؤنا المفضلون. ولقد أكدوا رغبتهم، ما وراء الكواليس، تقديم أنفسهم على أنهم أحد مكونات الحركة المعارِضة أو الثورية واسعة النطاق. فهل يجب إشراكهم في عملية سياسية رسمية، وهكذا سوف يكونون أحد الفصائل العديدة المشاركة. أم هل يجب استبعادهم، وهنا قد يتحولون إلى مفسدين للعملية السياسية أقوياء للغاية.
لو أن الغرب تدخل، في سورية، مبكراً أكثر، وبشكل حاسم أكبر، لكان لدينا، بدون شكل، الكثير من المعتدلين، والكثير من الأقوياء المتماسكين، والكثير من الحلفاء المعارضين الطبيعيين الملموسين للعمل معنا. ولكن، ولسوء الحظ، فإن الأشياء اتخذت مساراً مختلفاً. إن ما جعل رؤيتنا ضبابية هي هواجسنا المتلاحقة حول المتطرفين، ورفضنا معالجة التعقيد في سورية. إن معارضة “معتدلة” من حيث الانسجام الثقافي، هي موجودة في سورية، ما نحتاجه هو فقط أن نفتح أعيننا وننظر إليها. فتلك الجماعات فقط، وليس الأسد بالتأكيد، هي ما تضمن أن المتطرفين الحقيقيين أمثال داعش والقاعدة سيفقدون قبضتهم على السلطة في سورية في نهاية المطاف.
الكاتب: تشارلز ليستر: هو زميل زائر في مركز بروكنجز الدوحة تركز أبحاثه على الإرهاب والتمرد والتهديدات الأمنية على مستوى ما دون الدولة في منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام، وبلاد الشام بشكلٍ خاص. في الآونة الأخيرة، ركّز ليستر عمله بشكلٍ شبه حصري على تقييم حالة الصراع في سوريا عموماً، وتشكيلة التمرد المناهض للحكومة ومختلف مكوناته الجهادية خصوصاً. وقد تتطلّب ذلك التواصل وجهاً لوجه مع قيادات أكثر من 100 مجموعة معارضة مسلحة من كافة أطياف المجتمع السوري.
http://blogs.new.spectator.co.uk/2015/11/yes-there-are-70000-moderate-opposition-fighters-in-syria-heres-what-we-know-about-them/: