التجارة الدولية ظهرت منذ القدم، ولعل طريق الحرير من أشهر الطرق التجارية الذي كان له أثر كبير في ازدهار التجارة وخصوصا ما بين آسيا الشرقية والغربية.
وساهمت الثورة الصناعية في تعزيز دور التجارة الدولية؛ فزيادة الانتاج لابد من منافذ للتوزيع وللاستغلال الأمثل لموارد العالم.
فتبادل السلع والخدمات ما بين الدول المصدرة التي تتوافر فيها الموارد والدول المستوردة التي تفتقر إليها يعزز ذلك الاستغلال.
تحرير التبادل الاقتصادي سينشأ عنه التخصص بالإنتاج في الدول التي تمتلك ميزات نسبية لتلك الموارد بالتالي سيؤدي للاستخدام الأمثل للموارد البشرية والطبيعية,ونتيجة لذلك سيحصل تزايد مطلق في الإنتاج بناء على تخصص كل دولة, وهذا بدوره سيتيح تقييم التقنيات الأكثر تقدما أي التقنيات التي توفر أكبر منفعة من خلال زيادة الإنتاج والحفاظ على البيئة.
ومن جهة أخرى يرى اقتصاديون بأن زيادة الإنتاج يسمح بتحقيق الثراء للمواطنين والشركات التي سيزداد اهتمامهم بالبيئة، فوجود فائض في العائدات سيخصص لحماية البيئة ولاكتشاف تقنيات جديدة تحد من التلوث, فالتجارة الدولية هي أداه قوية لرفع معدل الرخاء الذي ينعكس أثره على المجتمع بأسره .
وبحسب افتراضات أحد علماء الاقتصاد أن التلوث الناتج عن عوادم السيارات بشكل عام أقل من المدن الكبرى للدول الغنية عنه في دول العالم الثالث, وذلك باستخدام التقنيات الجديدة.
ولكن مناهضو العولمة لا يرون من التبادل الاقتصادية الفوائد التي يراها مؤيدو التجارة الدولية، فبنظرهم الأثر السلبي منها يفوق الأثر الإيجابي للتجارة الحرة ويرون بأن التراجع التنموي للدول بحاجة إلى دعم داخلي.
فالآثار السلبية للتجارة على البيئة كبيرة هذا ما تحاول أن توضحه جمعيات حماية البيئة في كثير من المناسبات, فالانتقادات التي توجهها تلك المنظمات بشكل دائم للحكومات لضرورة الحد من المنتجات المصدرة أو المستوردة وخصوصا تلك التي تسبب أضررا أثناء نقلها.
فالتلوث الذي يأتي من التجارة الحرة ليس فقط من عوادم وسائل النقل فبعض الموارد التي يتم تصديرها أو استيرادها تتعرض لمشاكل أثناء نقلها, ولعل من أسوئها تسرب النفط في المحيطات؛ إذ لا يؤثر فقط على تلوث المياه بل يؤثر على الثروة الحيوانية والنباتية أيضا ويؤدي إلى انقراض بعض الأنواع نتيجة الضرر الذي يلحق بها.
وبذلك سينتج لدينا تلوث في الماء والهواء وسيحدث انقلابا في حياة الكائنات النباتية والحيوانية بشكل عام, كما كان دافعا لانتقال بعض الكائنات البحرية من موطنها الأصلي إلى أماكن جديدة.
ووفقا لما ذكرته لجنة التعاون البيئي في أمريكا الشمالية :«حتى لو كانت أغلب التقييمات لأثر التجارة على البيئة توضح وجود صلة غير مباشرة أو بالأحرى ضعيفة بين التجارة والتغيرات التي تؤثر على البيئة، فإن هناك بعض العناصر التي تؤكد وجود صلة مباشرة وقوية بين البيئة والتجارة في قطاع النقل .»
فعلى المدى الطويل سوف تظهر آثار تدهور التبادل التجاري, فإن قيمة المنتجات التي تُصدرها الدول الفقيرة (التي عادةً ما تكون مواد أولية) منخفضة مقارنةً بالإنتاج الصناعي والتكنولوجي للدول الغنية, تؤدي هذه الظاهرة إلى زيادة الفقر في الدول الفقيرة وتجبرها على الاستغلال المفرط لمواردها الطبيعية من أجل الحصول على حجم إنتاج يساوي إنتاج الدول الغنية, وذلك يكون بالطبع على حساب التنمية المستدامة وتعرض مواردها للنضوب.
وانتشار ظاهرة الإغراق البيئي من إنتاج سلع في المناطق التي لا تطبق نظام معايير بيئية ومنها البلدان النامية, ستزيد من مخاطر التلوث فيها, فيما ستبقى البلدان الديمقراطية التي تفرض قيودا على بعض المنتجات محافظة على بيئتها.
ولكن التلوث سينتشر في جميع أنحاء الكرة الأرضية فظاهرة الاحتباس الحراري ما هو إلا تجمع للغازات السامة من جميع أنحاء العالم.
المركز الصحفي السوري– أسماء العبد