ساعات معدودة تفصل السوريين في سوريا بشكل عام, وفي محافظة إدلب بشكل خاص عن استقبال عيد الفطر المبارك بعد انقضاء شهر رمضان الذي حل ضيفاً على الأمة الإسلامية لهذا العام, أحداث كثيرة مرت خلال هذا العام جعلت من شهر الصيام وعيد الفطر حالةً استثنائية تختلف عن مثيلاتها في الأعوام السابقة من عمر الثورة السورية, فالشمال السوري يغص بالمهجرين قسراً من مناطقهم الأصلية في ريف دمشق وحمص, ومدن وقرى وبلدات ومدن خلت من سكانها الذين هجروا عنها وانتقلوا للعيش في مناطق الشمال المحررة كمحافظة إدلب ومنطقة جرابلس التي تسيطر عليها قوات “درع الفرات” المدعومة من حكومة أنقرة, في حين بقيت بعض المناطق الأخرى في وسط البلاد تعيش حالة الحصار والتجويع, وتراجعت الحالة الإنسانية في شرق سوريا بعد ان دخلت المنطقة في حرب المصالح الدولية.
الهدنة والعيد:
عيد جديد قادم بنكهة هدنة هشة لم يحترمها النظام السوري يوماً, ولكن ثمة شيء جديد في حياة السوريين يريدون له أن ينعكس في العيد, كما غاب إجرام الطيران الحربي عن العديد من مناطق الشمال السوري خلال شهر رمضان الحالي, يتمنى عدد كبير منهم أن يعيشوا حالة الأمان والإطمئنان في أيام العيد المقبلة.
معتز سلوم ابن مدينة كفرنبل الواقعة في ريف إدلب الجنوبي والذي يمتلك سيارة “شحن” صغيرة يعتاش من خلالها تحدث لمراسل المركز الصحفي السوري بالقول:
“كل الأعياد التي مضت, لم تكن خالية من مجزرة ارتكبها الطيران الحربي, لذلك لم يعتد السوريون على بهجة العيد التي عرفوها قبل اندلاع أحداث الثورة السورية, ولكن مع غياب الطائرة عن مناطقنا وارتفاع مستوى الإزدحام في الشوارع والأسواق والساحات, أمني النفس باكتمال هذا المشهد خلال ايام عيد الفطر, علّه يرسم البسمة على شفاه أطفالنا من جديد”.
أسواق العيد:
وبالابتعاد قليلاً عن الصورة السياسية والعسكرية التي لها تأثيرها الكبير على الواقع المعاش, وبالاقتراب أكثر من الحالة الاقتصادية للناس والتي لها تأثير كبير أيضاً على الحياة العامة في العيد, نجد أن السمة العامة لآخر أيام رمضان مع اقتراب عيد الفطر, هي موجة غلاء جديدة, مصحوبة بارتفاع واضح لأسعار المنتجات الغذائية والاستهلاكية, والألبسة والحاجيات الضرورية في العيد.
نور الدين زعتور مواطن سوري من مدينة كفرنبل, يمتلك متجراً صغيراً لبيع الألبسة الجديدة, يتوقع أن تؤثر موجة الغلاء على إقبال الناس لشراء الألبسة الجديدة لهذا العام, وأفاد مراسل المركز الصحفي السوري بالتصريح التالي:
“بعد أن دخل شهر رمضان بالثلث الأخير لهذا العام, شهدت أسواق الألبسة الجديدة, التي تختلف عن ما يعرف بألبسة المستعمل “البالة” حركة ملحوظة, ولكنها لم تكن ضمن المستوى المتوقع, فكثير من المواطنيين يجدون ضالتهم في أسواق “البالة” نظراً لغلاء أسعار الألبسة الجديدة ومن مختلف الأعمار”.
غلاء باللباس والغذاء:
وكما توقع البائع نور الدين ألا ترتقي حركة البيع والشراء على صعيد الألبسة الجديدة إلى المستوى المطلوب, صدق “أبو فؤاد العبدو” كلامه بل زاد عليه بالشكوى من غلاء الأسعار الذي شمل المواد الغذائية وحلوى العيد, كما صرّح لمراسل المركز الصحفي السوري بالقول:
“الشكوى لله, دخل المواطن الشهري لا يتناسب مع أسعار السلع المختلفة قبل قدوم العيد, فألبسة الأطفال الجديدة باهظة الثمن, خصوصاً مع نقص الكميات الموجودة بالأسواق, ومن ناحية أخرى لا تختلف أسعار الحلويات وحلوى العيد “الضيافة” عن أسعار الألبسة, فأقل سعر متواجد هنا في أسواق كفرنبل للشوكولا المحشوة هو “2000” ليرة, وهو مبلغ كبير مقارنة مع دخل المواطنين الذين يعاني كثيراً منهم من البطالة والفقر”.
ويبقى الأمل بعيد سعيد:
إذن, “عيد بأي حال عدت يا عيد”, مازالت هذه العبارة تتردد على ألسنة العديد من السوريين, في ظل الهدنة التي انعكست إيجاباً إلى حد ما على الحركة اليومية للأسواق في رمضان وقبل العيد, ولكن تبقى المنغصات كثيرة والتي تساهم في حرمان السوريين من عيش أجواء العيد الجميلة التي افتقدوها منذ عدة سنوات, ومع ذلك يبقى الأمل عندهم حاضراً بقضاء فترة جميلة خلال العيد, خصوصاً مع قدوم العيديد من الأسر السورية النازحة إلى تركيا لقضاء إجازة العيد في الداخل السوري..
المركز الصحفي السوري – حازم الحلبي.