رفض وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمس الاثنين، ما أشار إليه نظيره السوري وليد المعلم بأن حكومته مستعدة للمشاركة في حكومة وحدة، وذلك بالنظر إلى استمرار قصفها لمدينة حلب.
وقال كيري للصحافيين في قرطاجنة خلال زيارة إلى كولومبيا لحضور مراسم توقيع اتفاق سلام بين الحكومة الكولومبية ومتمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) «تصريحات نظام الأسد لا معنى لها تقريبا في هذا التوقيت.لذلك سيتعين علينا أن نرى إن كان سيظهر في الأيام المقبلة أي شيء ينم عن نهج مختلف من الروس أو من النظام».
ويتزامن هجوم للحكومة السورية لاستعادة كامل حلب – بدعم جوي روسي وبري إيراني – مع قصف يصفه السكان بأنه لم يسبق له مثيل في ضراوته.
وقال كيري «لا أعتقد أن المعارضة ستكون متحمسة تجاه التفاوض في وقت يتعرضون فيه للقصف والتجويع».
وفي مقابلة مع قناة الميادين التي تعمل انطلاقا من لبنان، قال المعلم إن حكومة دمشق اقترحت خارطة طريق سياسية من شأنها أن تضع نهاية للحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات في سوريا.
وأضاف أن دمشق ستدعم فكرة تنظيم استفتاء على دستور جديد تليه انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة وحدة.
وقال كيري «بينما يقصفون حلب ويسقطون القنابل دونما تمييز ويقتلون النساء والأطفال فإن الحديث عن حكومة وحدة معقد للغاية».
وتعمل المستشفيات في الأحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب بطاقاتها القصوى لإسعاف المصابين، فيما استهدفت عشرات الغارات مناطق تسيطر عليها المعارضة في المدينة. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان «عشرات الضربات الجوية» التي استهدفت بعد منتصف الليل أحياء الراشدين وبستان القصر وبستان الباشا والهلك والحيدرية ومساكن هنانو في مدينة حلب ومخيم حندرات شمال المدينة.
وتتعرض الأحياء الشرقية في مدينة حلب لغارات جوية عنيفة يشنها الطيران السوري والروسي منذ إعلان الجيش السوري، الخميس، بدء هجوم على هذه الأحياء التي يحاصرها منذ شهرين تقريبا، بهدف استعادة السيطرة عليها.
وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أمس بمقتل «128 شخصا غالبيتهم الساحقة من المدنيين، بينهم عشرون طفلا وتسع نساء جراء الغارات السورية والروسية على الأحياء الشرقية في حلب منذ ليل الخميس حتى فجر الاثنين».
وتسببت الحملة الجوية الكثيفة على حلب وريفها بإصابة 400 شخص على الأقل بجروح، وفق المرصد.
إزاء هذا الواقع، تعمل المشافي الرئيسية الموجودة في شرق حلب والبالغ عددها ثلاثة على الأقل في ظل ظروف صعبة ونقص في المعدات والأطباء.
وقال مصدر طبي إن «المشافي التي لا تزال في الخدمة تعاني من ضغط هائل جراء العدد الكبير من الجرحى في الأيام الأخيرة والنقص الحاصل في الدم».
وأضاف أن «أقسام العناية المشددة باتت ممتلئة بالمصابين ويجري كل مشفى ثلاثين عملية جراحية في اليوم الواحد منذ بدء الغارات».
ومع تعرض العشرات لإصابات خصوصا في الأطراف، تزداد وطأة عدم وجود جراحين متخصصين في الشرايين والأوعية الدموية في شرق المدينة.
ويقول المصدر الطبي «جراء هذا الواقع، يتم التعامل مع الإصابات الخطيرة بعمليات بتر فورا».
جاء ذلك فيما سيطرت فصائل المعارضة السورية المسلحة في ريف دمشق الشرقي على عدد من مواقع القوات السورية والمسلحين الموالين لها، وقالت مصادر إعلامية مقربة من الجيش السوري إن معارك عنيفة شهدتها بلدتا تل الصوان وميدعا في الغوطة الشرقية، وإن القوات السورية حققت في ساعات الصباح الأولى تقدماً وسيطرت على عدد من المزارع في بلدة تل الصوان وسط فرار عناصر المسلحين من الجهة الشرقية للبلدة .
وأضافت المصادر أن «مسلحي المعارضة شنواً هجوماً مباغتاً واستعادوا السيطرة على النقاط التي سيطر عليها الجيش السوري والمسلحين الموالين له وسط قصف مدفعي وصاروخي من القوات الحكومية على مناطق سيطرة المعارضة، وكذلك على محور بلدة ميدعا ووادي عين ترما، كما وسع مقاتلو جيش الإسلام هجومهم على مواقع القوات الحكومية قرب بلدتي حوش نصري وحوش الفأرة».
من جانبها قالت مصادر في «جيش الإسلام»، الذي يسيطر على أغلب مناطق الغوطة الشرقية، إن «قوات النظام تكبدت خسائر فادحة بالأرواح والعتاد وإنها وقعت في كمين حيث تقدمت وسيطرت على أطراف بلدة تل الصوان إلا أن مقاتلينا تمكنوا من استهدافهم بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية».
وأضافت أن أكثر من 10 عناصر من القوات النظامية قتلوا إضافة الى إصابة أكثر من 15 آخرين بجروح بليغة، وأنه تم تدمير عدد من آليات قوات النظام وعناصر «حزب الله» والميليشيات العراقية .
إلى ذلك خرج الاثنين 131 مقاتلا معارضا مع عائلاتهم في حي الوعر آخر معقل للفصائل المقاتلة في مدينة حمص (وسط)، وفق ما أعلن مصدر في المحافظة، وذلك للمرة الثالثة منذ بدء تطبيق اتفاق بين الحكومة والمعارضة المسلحة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وأعلن المصدر «تم بعد ظهر اليوم (أمس) خروج 131 مسلحا و119 شخصا من عائلاتهم من حي الوعر إلى الدارة الكبيرة في ريف حمص الشمالي».
وصرح محافظ حمص طلال البرازي للتلفزيون السوري «سنستمر بإخلاء الحي من المسلحين ولكن هذا الموضوع سيتم خلال الأسابيع القليلة القادمة».
وأضاف البرازي «نحن نراهن على استمرار التهدئة ووقف إطلاق النار وعودة الأهالي والمهجرين إلى حي الوعر وعلى عدد كبير من المسلحين ممن يرغبون بالاستفادة من مرسوم العفو الرئاسي (لتسوية أوضاعهم)».
وبث التلفزيون صورا تظهر خروج المسلحين وعائلاتهم من الحي ويتجهون نحو حافلات كبيرة خضراء من المقرر ان تقلهم الى وجهتهم بإشراف عناصر من الجيش السوري.
وكانت العائلات تحمل أمتعتها ويساعدها في ذلك متطوعو منظمة الهلال الأحمر العربي السوري.
ويأتي هذا الإخلاء بعد خروج دفعة ثانية الخميس كان من المقرر إخلاؤهم من الحي الاثنين، لكن غياب فريق الأمم المتحدة تسبب في تأجيل تنفيذ الاتفاق حتى الخميس وفق محافظة حمص.
القدس العربي