أبدى عدد كبير من السوريين في الداخل السوري ودول الشتات ارتياحهم لما أفرزته الانتخابات البرلمانية التركية من نتائج، والّتي أسفرت عن فوز غير متوقع لـ»حزب العدالة والتنمية» بـ49.4% من الأصوات، ما يجعل الحزب قادراً على تشكيل حكومة بنفسه، ويُبقيه للمرة الرابعة على التوالي كحزب حاكم للبلاد. وغصت مواقع التواصل الاجتماعي بالتهنئة والمباركة للرئيس التركي أردوغان على فوز حزبه بالأغلبية النيابية في البلاد.
يقول محمد عامر، وهو لاجئ سوري في مدينة عنتاب، لـ «القدس العربي»: «أتمنى أن تقوم الحكومة التي سيقوم بتشكيلها حزب العدالة والتنمية، بإعطائنا إذن عمل، بالإضافة لمساواتنا في العامل التركي من ناحية الأجور والتأمين، وأن تضع حد لتصرفات أصحاب المعامل المتمثلة في الطرد التعسفي للعامل السوري».
من جهته يرى محمود الحسن أن على الحكومة التركية الجديدة تنظيم شؤون اللاجئين السوريين على أراضيها، ومنحهم تشريعات قانونية تكون قادرة على حمايتهم في المستقبل، لا أن تبقى معتمدة على القرارات العاطفية من قبل أصحاب القرار التركي، ويبقى مستقبل السوري في تركيا مرتهنا بحزب أو شخص.
وفي السياق طالب عدد من النشطاء السوريين الحكومة التركية الجديدة بفتح المعابر بين سوريا وتركيا لتأمين سهولة العبور ومنع استغلال السوريين من قبل السماسرة والمهربين. ويقول المدرس أسامة عبد الرزاق، من مدينة إدلب، لـ «القدس العربي» ان على الحكومة التركية القادمة «تسهيل عبور المواطن السوري إلى تركيا وفق ضوابط لتجنب أخطاء 2013».
وتمنى عبد الرزاق أن يقوم الأتراك بمساعدة اﻹدارة المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، عن طريق استشاريين في اﻹدارة، لاستنساخ ترميم ما تبقى من مؤسسات، بالإضافة لتسهيل وتأمين الدعم اللوجيستي الخليجي بدون مراجعة الولايات المتحدة، فضلاً عن الثبات على تنحي بشار الأسد في أي تسوية سياسية قادمة.
ورأى المدّرس أسامة عبد الرزاق، الذي يدّرس مادة الرياضيات في إدلب المدينة والذي هو على احتكاك يومي بفضائل المعارضة السورية في المدينة، أن الانتخابات التركية الأخيرة أثبتت أن نجاح التنمية والعدالة اليوم هو نجاح لفكرة اﻹدارة الحكيمة التي تجبر الشعب على الالتفاف حول روادها، لافتاً إلى أنّ الواقع في المشرق من الصعب أن يتغير، «فنحن إما إسلام معتدل، أو خضوع كامل للغرب، ما ينتج ردة فعل إسلام متشدد متعدد الدرجات»، على حد وصفه.
ولفت عضو المجلس المحلي في بلدة أطمة الحدودية بريف إدلب، عبد الوهاب عبد الوهاب، إلى أنّ نتائج الانتخابات التركية ستجلب المزيد من الدعم للشعب السوري ، ما سيقوي عضد الثّورة في الداخل بوجود حكومة تركية تدعم تطلعاته في الحرية والكرامة.
وعبّر الأكاديمي السوري، أحمد شيخ حسين من مدينة كيليس التركية، لـ «القدس العربي» عن فرحته بفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية بالقول: «والله فرحت كأنه بشار خسر هاﻻنتخابات»، لافتاً إلى أنّ «المهم في الوقت الحالي هو الاستقرار التركي، ومن بعده تأتي المطالب والانجازات».
ولم تقتصر مظاهر الارتياح لما أفرزته الانتخابات البرلمانية التركية على المواطنيين السوريين، بل تعدتها للانعكاس الإيجابي على عدد من فصائل المعارضة السورية المسلحة، التي أبرقت مهنئة الرئيس التركي، ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو. وكان من أبرز الفصائل المهنئة فصيلا «أحرار الشام» و»جيش الإسلام» فضلاً عما يزيد عن 16 فصيلاً آخر من الشمال والجنوب السوري.
وتحدث القيادي في «حركة أحرار الشام»، أبو النور الشامي، لـ «القدس العربي» عن سروره بنتائج الانتخابات التركية، مشيراً إلى تلك النتائج سيكون لها انعكاسات إيجابية على الثّورة السورية، «لكن مستوى تلك الانعكاسات ، سيكون من المبكّر الحديث عنه».
وفي السياق ذاته: عبر عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي ياسر اليوسف» عن سعادته بفوز حزب العدالة و التنمية في الانتخابات التركية، مشيراً إلى أنّ انتصار الحزب في الانتخابات التركية، يعني انتصارا للثّورة السورية، منوهاً إلى أنّ الفصائل العسكرية المعارضة تنتظر من الحكومة المقبلة حزمة من القرارات المؤجلة المتعلقة بالشأن السوري على الصعيدين السياسي والعسكري.
وتمنّى على حزب العدالة والتنمية، «بعد أن منَّ الله عليه بملء صناديق الاقتراع أصواتاً لصالحه، أن يملأ الحزب الحالكم لفصائل المعارضة صناديق الذخيرة «، في إشارة منه إلى الدعم العسكري المتوقع للمعارضة.
ورأى المحرر الصحافي في جريدة «ريفرنس المحلية» والتي تصدر من مدينة عينتاب، فراس ديب، أن نتائج الانتخابات كانت مفاجئة، لكنها في الوقت ذاته مطمئنة للسوريين المقيمين على الأراضي التركية.
وبحسب ديب فإنّ ثلاثة عوامل هي ما اكسب «حزب العدالة والتنمية» التفوق في الانتخابات الحالية، وهي: «الانزياح الكبير بالأصوات من طرف التيار القومي التركي، نظرا للقصور في أداء حزب الحركة القومية خلال الاحداث الأخيرة في تركيا، وكذلك، عزوف قسم كبير من الأكراد في تركيا عن دعم حزب الشعوب الديمقراطية – أيضاً لفشل الحزب في احتواء سلاح حزب العمال الكردستاني – بالإضافة لعامل الخوف المتولد لدى شريحة من الشعب التركي والتي تجعله يميل الى الاستقرار السياسي المتمثل بالحزب الواحد».
ومما لا شك فيه فإن السوريين، من لاجئين في الداخل التركي والداخل السوري، ينتظرون من الحكومة التركية القادمة مزيداً من التسهيلات والمساعدات، بالإضافة لما ترتكز عليه فصائل المعارضة العسكرية في سوريا، من وعود بدعم أكبر من الحكومة التركية المقبلة، والّتي كانت سياستها وكان سياسيوها من أبرز الداعمين لهم وللقضية السورية خلال السنوات الخمس الماضية.
منار عبد الرزاق – القدس العربي»: