إدلب ـ «القدس العربي»: أثارت فتوى أصدرتها مجموعة من الشخصيات الشرعية والدعوية جدلاً واسعاً في أوساط كثير من الفصائل وشرعييها، تلك الفتوى التي طالبت جميع الفصائل بالالتحاق بـ «جبهة فتح الشام»، «النصرة» سابقاً، و«جيش الأحرار» و«الزنكي».
الشيخ عبد الرزاق المهدي هو أبرز الموقعين على فتوى الاندماج، قال في حديثه مع «القدس العربي» حول آخر مستجدات هذه المسألة «الاندماج حتى هذه اللحظة متعثر بسبب خروج حركة الزنكي وفصيل آخر، لكن لايزال الاندماج محتملاً». وتابع «الآن بقي فتح الشام والتركستان وجيش الأحرار ولواء الحق إضافة لأنصار الدين، وهذه الفصائل من الممكن أن تعلن اندماجها».
ودعا المهدي للتريث وعدم الإعلان حتى يجتمع أكبر عدد من الفصائل، كما نفى أن تكون دعوات الاندماج مقتصرة على نوعية من الفصائل فقال «كانت هناك دعوات لجميع الفصائل العاملة في الساحة السورية سواء الإسلامية أو الجيش الحر، وليس هناك استثناء لفصيل أو جماعة عاملة لإسقاط النظام».
وأضاف «الفصائل التي لم تستجب حتى الآن هي الأكثرية، ولها أسبابها ورؤيتها، وهذه الفتوى هي دعم وتأييد للاندماج ولمن استجاب له، فالظروف تقتضي المسارعة بالاندماج والشعب السوري يطمح لتوحد شامل لا جزئي»، على حد تعبيره.
وحول ما اعتبره البعض بأن هذه الفتوى تؤيد فصيلاً معيناً قال المهدي «البعض اعتبرها تصب في مصلحة فتح الشام، لكن بغض النظر التوحد واجب شرعي وطاعة لله، ومن يتحفظ على هذا يجب محاورته ليبين وجهة نظره لا أن يكون معوقاً فبعد سقوط حلب يجب المسارعة، ولم يعد هناك مجال للمجاملة في هذه الظروف»، كاشفاً أن الاندماج كان متوقعاً من هذه الفصائل بعد صدور الفتوى مباشرة.
وأكمل حديثه بالقول «البعض اعتبر هذه الفتوى تصعيداً وتزيد من الاستقطاب، لكنها بينت أن هناك فصائل قررت الاندماج وكانت الفتوى مؤيدة لها، وهي لم تطلب اندماج تغلب والعبارة التي فيها اللزوم تشمل الموقعين المتفقين على هذا الاندماج».
من جهته يرى القيادي في «الجيش الحر» خالد أبو عزام في تصريح لـ «القدس العربي» أن تلك الفتاوى تعمق الشرخ بين الفصائل، لأنها تزيد من الاستقطاب وهي تحمل وجهة نظر واحدة وتؤيد فريقاً موجوداً في الساحة، لا يحق له الاستئثار».
ويحمل القيادي شخصيات معينة من خارج سوريا مسؤولية زيادة التنافر كما سماه «هناك شخصيات من الداخل والخارج تعمل لبعثرة أي خطوة جادة تهدف لجعل الجميع تحت مظلة الثورة، فهي تعمل بعقلية المنهج وهذا سيزيد من التباعد بين مكونات الفصائل، وأي محاولة للاندماج يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الثورة وأن نبعد أي جسم يشكل من جحيم التصنيف الذي لن يجلب للثورة والشعب سوى الهلاك، ومزيد من التدخل».
وقال الناشط عمر الشامي لـ «القدس العربي» ان ظاهرة الفتاوى والفتاوى المضادة هي تعبير عن حالة التشرذم والاستقطاب، التي تعاني منها الساحة كما تبين أن كل المحاولات لأي اندماج ستبقى في دائرة الاستقطاب، ولن يحدث اندماج كلي في ظل هذا التباين، فهناك معوقات كبيرة تقف حائلاً يمنع ما تريده الحاضنة الثورية وكذلك الجهادية من القضاء على حالة التشتت».
معتبراً أن الدول الإقليمية التي تدعم الفصائل وغيرها لا تريد اندماجاً يجمع بين الفصائل الثورية والجهادية مخافة خروج الجميع من عباءة التأثر بقرارات تلك الدول، وعليه سنرى فصائل جهادية تندمج مع بعضها مستفيدة من حالة التذمر بعد سقوط حلب، كما أنها تعتبر المستفيد الأكبر، حيث أنها تمكنت من كسب فصائل ثورية لصفها، وجلبتها لخندقها ، وهذا أمر يحسب لها، وكذلك ما يمنع الفصائل الثورية من التوحد، على الرغم من اتفاقها على كل النقاط، لكنها تتعثر أمام أمور تتعلق بتوزيع المناصب، وكيفية الإدارة، لذا لن نرى توحداً حقيقياً يجمعها سوى رفض الاندماج مع «المناهجة»، حسب تعبيره.
القدس العربي