كثيرة هي العادات والتقاليد الاجتماعية التي كان يمارسها الشعب السوري قبل الثورة السورية، والتي تحولت مع توالي أعوام الثورة في البلاد ضد نظام الحكم إلى ظواهر نادرة الحدوث، خاصة مع احتدام المعارك والقصف الكبير الذي طال غالبية المدن الثائرة الأمر الذي أدى إلى هجرة ونزوح ملايين السوريين خارج البلاد وداخلها وكذلك العادات والتقاليد التي تمارس من قبل.
الدكتور وحيد إبراهيم يرى أن غالبية المدن السورية فقدت العادات والتقاليد الاجتماعية فيما يخص عقد القران وحفلات الزواج معللًا ذلك إلى حالة الحرب التي يعيشها السوريون والتي دمرت أحياء بأكملها قبل أن تكون عاملاً ضاغطاً في تهجير ملايين المدنيين وتلاشي الكثير من الظواهر التي كان يسير عليها الشعب السوري منذ عقود طويلة.
وقال إبراهيم لـ «القدس العربي» خلال حديث خاص معه: اليوم غالبية الشعب السوري يعتمد على برنامج «سكايب» ليس كوسيلة تواصل أو نقل ما يجري في سوريا فحسب، بل بات «السكايب» اليوم عاملاً هاماً ومساعداً رئيسياً في عقد قران آلاف السوريين داخل البلاد وخارجها بسبب حالة التشتت الكبيرة التي تعصف بالسوريين والتي جعلتهم ينتشرون في أصقاع الأرض.
واستطرد بالقول: فيما سبق كنا نشاهد مئات الرجال ومثلهم من النساء خلال حفلات الزفاف أو الخطوبة يأتون للحفلة لمباركة زفاف العروسين، أما اليوم فقد بات يعتمد السوريون على برنامج «السكايب» وأحد المشايخ وبضعة رجال لا يزيدون عن عدد أصابع اليد الواحدة، فلا أفراح تقام ولا حلوى توزع ولا سوريون يجتمعون حول مائدة واحدة.
ونوه المصدر إلى أنه قام بتزويج ابنته التي تتحدر من إحدى بلدات ريف دمشق إلى أحد أقربائه المتواجد في ألمانيا عبر برنامج «سكايب» بحضور والد الزوج وأخيه، وشهود وأحد المشايخ، ومن ثم قاموا بتثبيت عقد القران في دمشق، وأن العروس ما زالت تنتظر منذ أشهر إجراءات لم الشمل مع زوجها في ألمانيا الذي لم تراه منذ ثلاث سنوات.
وحول مباركة الزفاف من قبل الأقرباء والأصدقاء قال الدكتور وحيد غالبية المباركات وتبادل الأفراح باتت اليوم تأتي عبر برنامج «الواتس آب»، ولكن برنامج «السكايب» هو الوسيلة المعتمدة لإحداث مكالمة جماعية أثناء عقد القران، فيما تستبدل الحلوى وغيرها بصور رمزية من وسائل التواصل ترسل عبر «الواتس آب» في غالب الأحيان بسبب التشتت والحصار أحياناً وسهولة التعامل مع برنامج «الواتس آب»، فيما يتم إعلان الزواج عبر منشور على موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» في معظم الحالات.
السوريون كبقية الشعوب العربية يقيمون الأفراح والحفلات خلال مراسم الزواج، ولكن واقع الحال اليوم جعل عقود القران تتم بطرق لم يعهدها السوريون من قبل، فلم تعد تلك العادات موجودة، لتأخذ حفلات الزفاف طبيعتها وتأقلمها من الواقع الذي آلت إليه الأوضاع في سورية.
بدوره أكد القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعرواي أن ظاهرة الزواج عبر موقع التواصل الاجتماعي «السكايب» تزداد بشكل كبير في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن المحكمة الشرعية التابعة للنظام السوري تستقبل يومياً 50% من مجمل قضايا الزواج عبر وكلاء الذين قاموا بتزويج أبنائهم عبر برنامج «السكايب».
واعتبر القاضي الشرعي عبر تصريحات صحافية لمواقع موالية للنظام السوري بأن اعتماد السوريين على برنامج «السكايب» لعقد الزواج سببه هجرة أعداد كبيرة من السوريين إلى خارج البلاد خلال السنوات الست الماضية، منوهاً إلى أن عام 2015 شهد 33082 حالة زواج في دمشق، فيما بلغت حالات الطلاق 7028 حالة.
القدس العربي