صرّح المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن حديث النظام السوري عن التجهيز لعملية عسكرية جديدة في حلب، شمالي سوريا، بالتعاون مع القوات الروسية، أمر «غير مقبول» في ظل اتفاق «وقف الأعمال العدائية»، معربا عن قلق بلاده من حدوث موجة نزوح جديدة جراء هذه العملية المرتقبة.
وبينما نفى المتحدث، خلال مؤتمر صحافي عقده في القصر الرئاسي في العاصمة أنقرة، أمس الاثنين، أن تكون زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى مصر ومن بعدها تركيا، أمس، تأتي من أجل الوساطة بين البلدين، لفت إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد مع إسرائيل بشأن تطبيع العلاقات معها.ومنتقدا إعلان النظام السوري عن التحضير لعملية عسكرية جديدة بتعاون روسي في حلب بحجة مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، قال قالن مخاطبا النظام السوري وموسكو: «من جهة تتوصلون إلى اتفاق من أجل وقف إطلاق النار بدعم من المجتمع الدولي، ومن جهة أخرى ستواصلون عملياتكم في حلب وإدلب (شمال غرب) ومناطق أخرى بذريعة محاربة تنظيم داعش، وبالطبع لا يمكن قبول ذلك».
وأعرب المتحدث عن «قلق» تركيا من حدوث موجة لجوء جديدة محتملة من سوريا جراء تلك العملية المخطط لها.ولفت إلى أن المحادثات السورية في مدينة جنيف السويسرية تهدف إلى ضمان مرحلة انتقال سياسي في سوريا، وأن الجولة الثالثة منها ستبدأ خلال الأسبوع الحالي برئاسة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا.
قالن عاد ووصف صدور أنباء حول عملية عسكرية للنظام وروسيا في حلب بأنها «غريبة»، قائلاً: «مع استمرار التحضيرات للجولة الثالثة من المفاوضات (السورية في جنيف)، والعمل على الإطار الأساسي لمرحلة انتقال سياسي، والمبادئ الأساسية، تتواصل ممارسات مختلفة كهجمات وحصار على حلب وإدلب ومناطق أخرى»، معتبرا استمرار ذلك «يظهر مرة أخرة مدى عدم صدق النظام السوري بخصوص السلام والمرحلة الانتقالية».
وكانت وكالة «انترفاكس» الإخبارية الروسية نقلت عن وزارة الدفاع الروسية قولها إنه لا توجد خطط لاقتحام حلب، غير أن هيئة الأركان العامة للجيش الروسي أعلنت أمس الاثنين أن متشددي جبهة النصرة يحتشدون حول مدينة حلب السورية ويخططون لشن هجوم واسع النطاق، وهو ما اعتبره معارضون سوريون تبريرا للحملة الروسية السورية على حلب.
وقال سيرغي رودسكوي قائد قيادة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة إن المتشددين يخططون لقطع الطريق بين حلب والعاصمة السورية دمشق.
واعتبر الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا في دمشق أن جولة مفاوضات جنيف المرتقبة بعد يوم ستكون «بالغة الأهمية»، لأن التركيز خلالها سيكون على عملية الانتقال السياسي، محذرا من هشاشة الهدنة إثر اشتعال العديد من الجبهات في سوريا.
وقال دي ميستورا بعد لقائه صباح الاثنين وزير الخارجية السوري وليد المعلم في تصريح للصحافيين «إن الجولة المقبلة من محادثات جنيف ستكون بالغة الأهمية لأننا سنركز فيها بشكل خاص على عملية الانتقال السياسي وعلى مبادئ الحكم (الانتقالي) والدستور».
واضاف «نأمل ونخطط لجعلها بناءة (…) وواقعية».
وتأتي زيارة دي ميستورا إلى دمشق قبل استئناف مفاوضات السلام بين ممثلين للحكومة والمعارضة في جولة جديدة تنطلق الأربعاء في جنيف، وبعد أسبوعين على انتهاء الجولة الأخيرة من دون تحقيق أي تقدم حقيقي باتجاه التوصل إلى حل سياسي للنزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من 270 ألف شخص منذ عام 2011.
ولا يزال مستقبل الرئيس بشار الأسد نقطة الخلاف الرئيسية، إذ تصر المعارضة على رحيله مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما تعتبر دمشق أن مستقبله ليس موضع نقاش ويتقرر عبر صناديق الاقتراع فقط.
وأكد المعلم من جهته الاثنين «الموقف السوري بشأن الحل السياسي للأزمة والالتزام بحوار سوري بقيادة سورية ودون شروط مسبقة» وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وشدد على «جاهزية الوفد السوري للمحادثات اعتبارا من 15 نيسان/ابريل الجاري بسبب الانتخابات البرلمانية المرتقبة» الأربعاء.
وتجري دمشق الأربعاء انتخابات تشريعية هي الثانية منذ بدء النزاع، يتنافس فيها أكثر من 11 ألف مرشح، بينهم خمسة من أعضاء الوفد الحكومي المفاوض، في وقت دعت المعارضة السورية إلى مقاطعتها واصفة إياها بأنها «غير شرعية».
وتزامنت زيارة دي ميستورا إلى دمشق، مع تصعيد عسكري من المجموعات الجهادية في محافظات عدة، في تصعيد للعنف من شأنه أن يهدد اتفاق وقف الأعمال القتالية المعمول به منذ نهاية شباط/فبراير.
وقال دي ميستورا إنه بحث مع المعلم «أهمية حماية واستمرار ودعم وقف الأعمال القتالية الذي كما تعرفون لا يزال هشا لكنه قائم»، مضيفا «نحن بحاجة للتأكد من استمرار تطبيقه على رغم بعض الخروقات».
ودخل اتفاق وقف الأعمال القتالية حيز التنفيذ في مناطق سورية عدة في 27 شباط/فبراير بموجب اتفاق روسي أمريكي مدعوم من الأمم المتحدة. ويستثني الاتفاق تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة اللذين يسيطران حاليا على أكثر من نصف الأراضي السورية. ولا يزالان يتعرضان لضربات قوات النظام وروسيا او التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
القدس العربي