شغلت بانا العابد العالم بتغريداتها من حلب، إذ كانت بإنكليزية بسيطة توثق يوميات الغارات التي يشنها طيران النظامين السوري والروسي على أحياء المدينة.
إيلاف من بيروت: بانا العابد. إنها إبنة الأعوام السبعة التي تروي جحيم مدينة يحاصرها نظام بشار الأسد، كما وصفتها صحيفة لو بوان الفرنسية. إنها الفتاة التي استيقظت من قيلولة بعد الظهر سائلةً أمها إن كانت نامت إلى اليوم التالي، فضوء حريق الفوسفور التي ألقته الطائرات الروسية يضيء الدنيا، كما قالت عنها صحيفة غارديان البريطانية. إنها الفتاة التي “تظن أنها ستموت الليلة”، كما غرّدت ذات يوم قريب، وهي تسمع دوي الانفجارات يقترب من بيتها في حلب.
أحتاج إلى السلام
العابد طفلة سورية حلبية اعتادت هدير النفاثات الروسية ودوي الغارات الليلية، وهي التي شهدت موت أعز صديقة لها في الحي تحت أنقاض بيتها المقصوف. استفادت العابد من حسابها على “تويتر” لتوثق دقائق حياتها الصعبة في حلب التي فقدت آلاف القتلى تحت أنقاض منازل وعمارات قصفها طيران النظامين الروسي والسوري، وما زال يقصفها، وكأنها تنتظر موتها في أي لحظة، بحسب لوموند الفرنسية.
وحساب بانا على تويتر ليس قديمًا، وتظن الصحف الغربية أن والدتها، فاطمة، هي من يدير حساب بانا، وهدفها أن تبيّن للعالم كيف تعيش هذه البنت الصغيرة وإخوتها في جحيم تتغاضى البشرية عن دمويته، وكيف ترزح العائلة في منزل حلبي ينتظر بين لحظة وأخرى أن تصيبه ما كتب له الأسد وبوتين من القنابل القاتلة.
أحتاج إلى السلام. إنها تغريدة من تغريدات بانا التي جذبت إليها أنظار العالم. تؤكد فاطمة، أم بانا، أن حساب ابنتها على تويتر إنساني غير دعائي، الهدف من ورائه كشف تفصيلات الجحيم اليومي، وعمق الخوف في نفوس أطفالها من “طيار يريد قتلنا”.
أقرأ!
لا يكتفي الحساب بالتغريد كلامًا، إنما تنشر عليه الصور: صور بانا تلعب وتقرأ. “أقرأ من أجل أن أنسى الحرب”، تغرد تحت الصورة. في الثاني من أكتوبر الجاري، في ليلة قصف ليلاء، غردت: “قصف، قصف، قصف، لا ندري إن كنا سنموت الليلة، أعدكم أنني سأواصل التغريد طوال الليل”.
وفي تغريدة أخرى: “سقطت أربع قذائف على بعد خطوات من منزلنا. مساء الخير من حلب”.
وقالت في إحدى التغريدات: “في العام الماضي، تعرضت مدرستي للقصف، وقُتل رفاقي وأصيبوا بجروح. كنت محظوظة للبقاء على قيد الحياة. أنا أخاف من القذائف”.
في الثالث من الجاري، تابع حساب بانا نحو 18 ألف متابع، وفي الرابع منه زهاء 30 ألفًا من العالم أجمع، وكرت سبحة المتابعين، خصوصًا أن التغريد يتم بالإنكليزية. وهذا ما ساهم في توصيل المعاناة الحلبية إلى العالم أجمع، وهذا ما دفع الصحافة العالمية إلى إبراز قصة بانا العابد مثالًا وأنموذجًا لطفولة سورية مسفوكة في حرب تريدها بانا أن تتوقف.
في انتظار الموت
وبحسب تقارير متقاطعة، تدخل فاطمة والدة بانا إلى الانترنت مستعينة بطاقة مجمعة من ألواح لتحويل الطاقة الشمسية، وبخدمات إنترنت من الجيل الثالث، سورية وتركية أحيانًا بحسب التغطية. ولهذا يتهمها مغردون مناصرون لنظام الأسد بتلقي المساعدة من المعارضة المسلحة الموجودة في أحياء حلب. وطلب مغرد من هؤلاء وقف استغلال صور بنا في حشد الرأي العام ضد النظام، على الرغم من أن متصفح الحساب لن يجد اي تغريدة تخرج عن النطاق الانساني البحت، وفيها أي إشارة لدعم معارضي النظام.
وبحسب دايلي ميل البريطانية، لا ترتاد بانا المدرسة، “لأن الذهاب إلى المدرسة يحتاج إلى توقف القصف، وأنا لا أريد شيئًا إلا أن أعيش عيشة طبيعية كباقي الأطفال في العالم”.
وترفع بانا يديها نحو السماء مناجية، وتغرد: “ادعو الليلة وأنا أسمع اصوات القنابل، فيمكن أن اموت في أي لحظة”.
ما هي حجتنا؟
يتفاعل مئات الأجانب من متابعيها مع تغريداتها التي يعاد تداولها بأعداد كبيرة، خصوصًا مع هاشتاغ #save_aleppo، وخصوصًا أنها تتوجه بتغريداتها إلى رؤساء دول العالم، كرسالتها إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما على الحساب الرسمي للرئاسة الأميركي قائلة: “سيدي الرئيس إنقذنا نحن أطفال حلب إن كنت حقيقةً تهتم بيوم الفتاة – بانا”؛ وكتغريدتها الموجهة إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي: “هل ينقذنا حوار حلب يا عزيزتي”، لكن بتوقيع من الوالدة فاطمة.
لا تريد بانا إلا السلام. فهل تستعيده؟
يقول نيكولاس كريستوف في نيويورك تايمز: “كانت حجتنا بعد عجزنا عن وقف المذابح الجماعية أننا لم نقدّر خطورة الوضع إلا بعد فوات الأوان، فكنا نقول “لو كنا ندري”، ونلحقها سريعًا بجملة أخرى، “لن تحصل ثانيةً”. في سوريا، لا حجة لنا، فها نحن ننظر إلى جرائم الحرب تقترف في كل يوم، فإن كنتم على تويتر، تابعوا هذه الفتاة ذات الأعوام السبعة التي تعيش في حلب”.