بدأ العد العكسي للانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب في سورية، وما زالت حملات السخرية من قبل المواطنين تغزو مواقع التواصل الاجتماعي، وكأن مسؤولي النظام والمرشحين بغفلة عما يسمعون أو يشاهدون، بل يواصلون حملاتهم الدعائية لاستقطاب أكبر عدد من الأصوات.
“أيد بتعلم، وأيد بتصوت، ورح نشارك”، شعار كغيره من الشعارات التي يجبر موظفو الحكومة على ترديدها تعبيرا عن ولائهم واستعدادهم للمشاركة في الانتخابات الديمقراطية لاختيار ممثليهم من المرشحين المستقلين كما يزعمون، إلا أن الغريب في الشعار أنه وضع لافتة أمام مبنى نقابة المعلمين في دمشق، لتنهال التعليقات الساخرة منه على أحد المواقع الإعلامية الموالية للنظام، التي تساءلت بدورها ” هل يعقل أن نقابة المعلمين التي تمثل أكثر من 450 ألف مدرس ومدرسة ومن بينهم الآلاف من خريجي الأدب العربي، أن يكتبوا هكذا شعار باللهجة العامية؟ وماذا عن قاعدة كتابة الهمزة؟”.
أثار الشعار جدلا كبيرا بين أوساط الموالين، ليعلق أحدهم:” لا عتب على هكذا نقابة، إذ يجدر بها أن تنقح المناهج التعليمية المليئة بالأخطاء وبالأخص للمراحل الأساسية، فالشعار ليس سوى ثغرة بسيطة بين الكم الهائل من الأخطاء”.
لعل المعلمين في النقابة آخر من يعلم بالشعار، ومن غير المعقول إلقاء اللوم عليهم إذ لا ذنب لهم في ذلك، وكما هو معروف عن حكومة النظام أنها تستخدم موظفيها كسلاح لتصل لمبتغاها وبالأخص فيما يخص الانتخابات ومسيرات التأييد والتمجيد لقائد الوطن بشار الأسد الذي خسر أكثر من 70 % من مساحة سوريا ولازال يتوهم ويوهم من حوله أن سوريا ما زالت بخير.
ويعمل النظام جاهدا على استغلال الموظفين ومحاربتهم بلقمة عيشهم، فبات آخر الشهر ذعرا لهم إذ يتخوفون من أن تقطع رواتبهم وخصوصا بعد انهيار الليرة السورية وعجز الحكومة عن تأمين أجورهم، ما دفعها لاتخاذ إجراء الفصل بحق بعضهم لحجج مختلفة وأهمها استدعاؤهم لتحقيقات الأفرع الأمنية .
محمد مدرس لغة عربية من مدينة دمشق يقول:” إنني لا أجرؤ على تجاهل الانتخابات رغم أنني كسائر السوريين مقتنع بأنها مجرد أضحوكة، عندما كانت البلد عامرة بخيراتها لم ينل الشعب جزءا منها، إلا أنني وتحت الضغط سأضطر للمشاركة والإدلاء بصوتي خشية أن يقطع راتبي”، ويضيف محمد:” فوجئت بالشعار الذي من المفروض أنه يمثلني، إلا أنني تساءلت في نفسي لماذا يفرض على المدرس والتلاميذ التحدث باللغة الفصحى؟ وشعار كهذا يكتب بالعامية؟!!”.
والمثير للسخرية أن نقيب المعلمين برر ذلك بأنه خطأ مطبعي وبأن ميزانية الدولة لا تكفي لطباعة لوحات جديدة، فرواتب المعلمين أولى منها، بل اكتفت بتغطية الهمزة بلاصق أبيض ليكون الشعار “ايد بتعلم وايد بتصوت ورح نشارك”.
مشكلة السوريين ليست بالهمزة، أو بالشعار، أو حتى الانتخابات، بل بالاستخفاف بعقولهم، فباتت الانتخابات عملية روتينية لن تغير من الواقع السيء شيئا، والفائزون فيها معروفون مسبقا دون الحاجة لدعاية أو إعلان، فهل سيكونون على قدر الثقة الوهمية التي ستمنح لهم ويعبرون من خلال منصبهم عن صوت الشعب؟ أم أنهم مجرد أبواق للنظام تنطق بمصالحه وتدعم أهدافه وتهلل لبطولاته؟.
سماح خالد ـ المركز الصحفي السوري