لعل الظروف القاسية التي مر بها الشعب السوري خلال سنوات الحرب الطوال، قد رسخت و زادت من معاناة القهر والفقر، فالشعب السوري اليوم يعيش تحت خط الفقر بمجمله، وهذا الحال بات أمراً طبيعياً في خضم استمرار الأزمات والحروب.
” مصطفى أبو بكر ” .. أحد البسطاء اللذين سحقتهم الحياة بقسوتها، منذ حوالي سنتين تعرض بيته في إدلب لقصف من طائرة حربية و فقد على إثرها طفله محمد، و أحد عينيه و أصيبت يده بشلل عصبي شبه كامل، يعمل اليوم كعتال في إدلب، يحمل ما تيسر له مقابل أجر زهيد لا يتعدى خمس ليرات تركية عن كل عمل، فهو أحيانا يضطر لرفع وتحميل أشياء حتى الطوابق العليا السادس أو السابع، مقابل هذا الأجر الزهيد.
التقينا بمصطفى في سوق الخضار وسط مدينة إدلب قال و الألم يعتصره ” أنا أحيانا أعود للبيت بدون أي شيء حتى كيس الخبز أعجز عن شرائه، حاولت التسجيل في منظمات وهيئات لدعم الفقراء ولكن دون أي جدوى، أحيانا أفكر بالتوجه إلى أحد المخيمات والسكن هناك فهم يمنحونهم سلة كل شهر، ولكني علمت أن حتى هذا الأمر صعب علي “.
كلمات ” أبو بكر ” تزرع الحزن و التشاؤم في نفس كل من يسمعها، فهو جمع بين الفقر وبين القهر الجسدي، فهو شبه عاجز و يعمل بأصعب المهن والتي يعجز الإنسان السليم عن ادائها، توجهنا معه إلى المنزل الذي كان عبارة عن غرفة يأكل العفن كل زاوية فيها، طفل رضيع ممدد، القليل من الصحون ربما يشكلن مطبخ للغرفة.
قال أيضاً ” بكل صراحة لا أعرف كيف أعيش وكيف أدفع أجرة هذه الغرفة، وكيف أحصل على طعام وشراب، أحيانا يتحسن علي بعض المارة عندما يرون شكلي ولكني لا أريد أن أتحول إلى متسول “.
ترى كم من مصطفى يخبئ مجتمعنا وكم من شخص حولت الحياة بقسوتها معيشتهم إلى عذاب، يتجدد كلما اشرقت شمس يوم جديد.
بقلم: ضياء عيسود
المركز الصحفي السوري