يجتمع وزراء خارجية «النواة الصلبة» في مجموعة «أصدقاء سورية» في لندن غداً لمباركة الرؤية السياسية التي أقرتها «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة وقضت بـ «إنشاء هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية لا وجود ولا دور (للرئيس) بشار الأسد بدءاً من المرحلة الانتقالية»، إضافة إلى تفاصيل مؤسسات المرحلة الانتقالية خلال 18 شهراً وفق ما جاء في القرار الدولي 2254.
وكانت «الهيئة» أقرت بعد اجتماعاتها في الرياض الإطار التنفيذي للمرحلة الانتقالية بناء على «بيان جنيف» والقرار 2254، وشكلت وفدها برئاسة المنسق العام لـ «الهيئة» رياض حجاب ومشاركة ممثلي معارضة الخارج والداخل بينهم «الهيئة الوطنية للتنسيق» وقادة فصائل «الجيش الحر» جنوب البلاد وشمالها.
وبحسب بيان «الهيئة»، فان المجتمعين أقروا الوثيقة التنفيذية للرؤية السياسية من أن «الحل السياسي هو الخيار الاستراتيجي الأول الذي تعتمده ذلك بما يحقق تطلعات الشعب الطامح لنيل حريته وصون كرامته وفق بيان جنيف والقرارين 2118 و 2254، القاضية بإنشاء هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية لا وجود ولا دور (للرئيس) الأسد ومن اقترف الجرائم بحق الشعب السوري بدءاً من المرحلة الانتقالية».
وتضم «النواة الصلبة» في «أصدقاء سورية» 11 دولة غربية وعربية وإقليمية، بما فيها أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسعودية وقطر وتركيا والإمارات والأردن، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي مقابل غياب مصر التي لم تعد تحضر هذه الاجتماعات. ولم يعرف ما إذا كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيشارك في المؤتمر.
وكانت تركيا عدلت من موقفها في الفترة الأخيرة بعد تحسن العلاقة بين موسكو وأنقرة، وأعلنت قبول دور للرئيس الأسد خلال المرحلة التفاوضية التي يجري الحديث عن ستة أشهر، إضافة إلى تلميح إلى رحيل الأسد «في مرحلة ما»، في حين تتمسك «الهيئة» برحيله فور تشكيل الهيئة الانتقالية الأمر الذي تدعمه دول عربية. في المقابل، تعتبر طهران الأسد «خطاً أحمر» وتقول إنه «الرئيس الشرعي المنتخب». وتتمسك موسكو بأن القرار هو للشعب السوري ولا يجوز تغيير الأنظمة من الخارج وسط تحذيرها من انهيار المؤسسات وخصوصاً الجيش. وترفض دمشق هذه الطروحات وتعتبر أن مستقبل الأسد «أمر سيادي وهو منتخب من الشعب»، واقترحت في مفاوضات جنيف تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، مع أنباء عن اقتراح روسي بتعيين ثلاثة نواب للرئيس قبل أن يكون مقبولاً من دمشق وطهران.
وتتفق واشنطن وموسكو وأنقرة على مبادئ بينها وحدة سورية وعلمانية الدولة السورية وبقاء المؤسسات وضمان عدم انهيارها، إضافة إلى اعتماد الحل السياسي وليس العسكري ومحاربة الإرهاب. ويعتقد أن هذه ستكون ضم المبادئ التي سيطرها ممثلو «الهيئة التفاوضية» في لندن في وثيقتها ومناقشتها مع المسؤولين والخبراء والإعلاميين.
وفي مقابل تركيز الوزير كيري على «محادثاته السورية» مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وتمسك موسكو بالحوار الثنائي مع واشنطن بعيداً من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، كانت الدول الأوروبية الكبرى الثلاث، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، اتفقت على مبادئ للحل السياسي في سورية بينها «سيادة سورية واستقلالها ووحدتها الوطنية ووحدة أراضيها» وأن تكون «ديموقراطية وتعدّديّة ولا طائفيّة» وتشكيل هيئة حكم انتقالية من «الحكومة السورية الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى» مع ضمان «بقاء المؤسسات الحكومية، بما يشمل القوات العسكرية والدوائر الأمنية مع إصلاحها لتعمل محترمةً حقوق الإنسان والمعايير المهنيّة، وتكون خاضعة لقيادة عليا تكون منبع ثقة للعموم. لكن عدا رحيل الأسد ومساعديه المقرّبين، لن تُفرَض أيّ قيود إضافيّة على تركيبة القيادة العليا».
وبدا في وثائق أوروبية وسورية معارضة التزام البرنامج الذي وضعه القرار 2254 المنبثق من «عملية فيينا» نهاية العام الماضي، ونص على مفاوضات لستة أشهر لتشكيل «حكم شامل وغير طائفي» في بداية آب (أغسطس) غير أن المحادثات الأميركية – الروسية لم تؤد إلى تفاهمات عسكرية وسياسية تشكل مظلة لذلك، كانت آخرها المحاولة التي جرت أمس على هامش قمة العشرين في الصين.
وأكدت الدول الأوروبية الثلاث في وثيقة ضرورة «انتخابات حرّة ونزيهة تشارك فيها أحزاب متعددة، وبعد وضع الدستور الجديد، لا بد من إجراء الانتخابات خلال 18 شهراً». وأضافت أنه «خلال العملية الانتقاليّة، سيتم تحويل جميع السلطات التنفيذيّة إلى حكومة انتقالية. بين الخيارات الأخرى للقيام بذلك، يمكن اتخاذ تدابير دستورية مرحلية لنقل السلطات من الرئيس إلى الحكومة الانتقالية» التي ستعمل مع المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب وأنه «لا بدّ أن يكون جميع عناصر الجيش وقوى الأمن خاضعين بالكامل لسيطرة السلطات الانتقاليّة الجديدة وأن يتم إصلاح القوى التي تُعتبَر الأكثر مشاركةً في أعمال القمع». وأضافت: «لا يمكن للأسد أن يشارك في انتخابات خاضعة لرقابة دوليّة، وبالتالي أن يرحل عن طريقها».
وفي حال توصل واشنطن وموسكو لهدنة موقتة في حلب وإنعاش اتفاق «وقف العمليات القتالية» المنجز في شباط (فبراير) الماضي، ستشكل وثيقة «الهيئة التفاوضية» أساساً لاستئناف المفاوضات مع الوفد الحكومي السوري في جنيف خصوصاً أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وضع تصوراً لفهمه لأطر الحل السياسي في سورية انطلاقاً من «بيان جنيف» والقرار 2254 لوضعه أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن قبل انطلاق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي حال لم يتم حصول تفاهم أميركي – روسي في الفترة المقبلة، مع أن مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما يقولون أنهم سيعملون على الملف السوري إلى آخر لحظة قبل الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر)، فان رؤية المعارضة المدعومة من حلفائها تشكل قاعدة انطلاق للإدارة الأميركية الجديدة.
ويبدأ برنامج «الهيئة» في لندن غداً في «مركز الدارسات الاستراتيجية» الذي دعا ديبلوماسيين وصحافيين لحضور جلسة نقاش مع حجاب صباح غد للاستماع إلى الرؤية السياسة لـ «الهيئة» ومناقشتها قبل حصول لقاءات مع المسؤولين والسياسيين.
الحياة اللندنية