مع كل ما يجري في سوريا يوما بعد يوم، تزداد مأساة السوريين الذين ضاقت بهم سبل البقاء وقرروا البدء برحلة الموت والعناء نحو وجهة علها تصل بهم إلى الحياة والأمان الذي صار شبه مستحيلا.
أعداد غفيرة وآمال ضيقة
تبدأ رحلة السوريين المتواجدين في تركيا بانطلاقهم نحو بحر إيجة، الذي يعتبر الهاجس الأكبر لكل الهاربين من خوفهم من غرق أسرهم في غياهبه، ولكن كل ذلك وكل الخوف من الموت غرقاً لا يردع هؤلاء من حلم للبقاء، فما تركوه خلفهم جعل كل خوفهم من الآتي أقل بكثير مما رأوه في سوريا، ينطلق زورق صغير محملا بأكثر من حمولته بعشرات المرات، فمن العابرين من يودع اليابسة ومنهم من يصل بعد جهد جهيد ،فاقدا كل أسرته أو نصفها، يصل الهاربون من الموت إلى جزيرة اليونان التي تكتظ بأعداد كبيرة من السوريين هناك، وما يلبث كل من يصل حتى يكتشف أن معظم المتواجدين ليسوا من السوريين أصلا، فهناك من الجزائر والمغرب ومصر وتونس وكل أنحاء الوطن العربي من بلغ مطمعه في العيش إلى التحايل والتزوير بمبالغ طائلة كي يصل له ورقة تثبت بأنه سوري هارب من الجحيم.
ليس فقط في اليونان بل أيضا بكل بلد يستطيع الشخص العبور منها مثل المغرب، يروي (أحمد)صديق لأحد الجزائريين أنه صرف مبلغا ضخماً لإخراج قيد سوري مزور كي يسلمه للسلطات الاسبانية حين وصوله، كما هناك مئات الحالات من المغاربة الذين لم يترددوا في الوصول لإسبانيا بنفس الطريقة، سارقين فرصة أحدهم بالنجاة من هروبه من سعير الحرب.
المزيد من المتاجرة والنفع
لن ترى بين تلك الجموع العابرة الجنسيات المختلفة فقط بل سترى سوريين كانوا مستقرين في بلاد كثيرة، منذ سنين أو عقود وكانت لهم تجارتهم وعملهم وحياتهم الطويلة بعيدا عن وطن لم يحضروا حربه كما حضروا أمانه، شهود عيان تثبت أن معظم من يصل للدول الأوروبية من أصحاب الأموال الذين (يتمسكنون)ويدعون الهروب من جحيم الحرب ويتظاهرون بتشريدهم لأجل الجنسية الأوربية والميزات الكبيرة التي ستأتي لاحقا.
حتى القتلة أصبحوا لاجئين
من بين عشرات الآلاف الهاربة سترى زمرة أخرى من المتاجرين بدم السوريين وأزمتهم، وهم الأشد حرصا للتملص مما جرى وراءهم ليمحوا سجلهم الدامي بحصد أرواح السوريين، (الشبيحة) الذين تبرأت منهم إنسانيتهم في سوريا، وتبرأت منهم الوطنية التي دافعوا عنها باسم رئيسهم، والذين تركوا الدفاع عنه ليلحقوا بركب المنفعة الأكبر، وهناك العشرات من صورهم المتباهين بها على صفحات التواصل الاجتماعي، دون الاكتراث لأي عقاب، متأكدين بأنهم سيفرون مما جنت أيديهم.
هل اللاجئين مطالبون بفضح هؤلاء
في ظل ما يجري من التسلق على أزمتهم ومصائبهم أصبح لا بد أن يكون للسوريين الهاربين دور فاعل في الدول التي يصلون إليها والدفاع عن حقهم في الحياة دون أن يسلبها منهم تاجر أو قاتل أو منتحل، أصبح حريا أن يكون لهم دورا كبير في التبليغ عن كل من يدعي صفة لجوئه، ليصل على أكتاف مصيبة طفل يموت تحت برميل، أو تحت موج البحر، كل السوريين مدعوون لفضح أولئك أمام السلطات الاوروبية، فقد أصبحنا محسودين على تشردنا ورحلة شقائنا.
مسألة حياة أو موت أصبحت هاجسا للجميع وهناك صيادو الفرص، والسوري الذي ترك كل شيء خلفه، والتي صارت حياته عبارة عن ذكريات وأحلام معلقة، ليس له الحق أبدا بترك مستقبله لآخر لا يستحق، لكم الله يا أبناء سوريا
لكم الله يا لاجئي بلادي المحسودون!!
المركز الصحفي السوري ـ زهرة محمد