وفي تقرير لعبد الكريم أبو نصر، مع “النهار”، الجمعة، أكدت الصحيفة أن “المنطقة لن تشهد تشكيل تحالف روسي – تركي – إيراني؛ لأن الرئيس رجب طيّب أردوغان حريص على إقامة علاقات طبيعية مع روسيا، والحفاظ في الوقت عينه على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة والدول الغربية، وإبقاء تركيا عضوا في حلف شمال الأطلسي، على رغم التوتر بينه وبين الغرب منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة”.
وكشفت الصحيفة عن اقتراح محدد لحل الأزمة السورية، يعطي الأولوية لضمان رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي مطلع على هذه المشاورات، تفاصيل الاتفاق، قائلا إن “أردوغان تعمد كشف مضمون اقتراحه هذا في مقابلة مع صحيفة الموند الفرنسية، نشرت عشية محادثاته مع بوتين”، وهو اقتراح يتضمن النقاط الأساسية الآتية:
أولا: ليس ممكنا إيجاد حل للأزمة السورية ما دام الأسد في السلطة، بل يجب أن يرحل.
ثانيا: بعد رحيله، يمكن البحث عن شخص آخر يخلفه ويكون مقبولا لدى الجميع.
ثالثا: يمكن حينذاك تنظيم انتخابات من غير أن يشارك فيها الأسد وتنفيذ الانتقال السياسي؛ أي انتقال السلطة إلى نظام جديد.
رابعا: يجب أن نسمح للشعب السوري بأن يختار الحاكم الذي يريده، وهذا هو الحل الوحيد للأزمة.
خامسا: يجب أن تنخرط روسيا وأمريكا وتركيا وإيران والسعودية وقطر جديا في العملية التفاوضية، وأن تتعاون في ما بينها من أجل إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية.
وأوضح المسؤول الأوروبي أن عوامل عدة دفعت أردوغان إلى طرح اقتراحه هذا، أبرزها ما يأتي:
أولا: طرح أردوغان هذا الاقتراح ضمن نطاق عملية تحسين العلاقات وتطبيعها مع روسيا في مجالات حيوية عدة، ولو كان يعتقد أن بوتين سيبدي انزعاجا من مضمونه لما كان كشفه علنا في مقابلة صحفية، ثم ناقشه بالتفصيل مع الرئيس الروسي.
ثانيا: الجميع متفقون على أن حل الأزمة السورية لن يكون عسكريا، بل سياسيا ومن طريق المفاوضات.
وقالت الصحيفة إن “أردوغان يدرك أن بوتين ليس منتصرا في سوريا وأنه يخوض معركة بالغة الصعوبة والتعقيد، يستند فيها إلى نظام الأسد الضعيف الذي فقد القدرة على الإمساك بالبلد وحسم المعركة لمصلحته، على رغم الدعم الكبير الذي تقدمه له روسيا وإيران والمليشيات المسلحة اللبنانية والعراقية والأفغانية المرتبطة بطهران”.
ثالثا: يهدف أردوغان عن طريق طرح اقتراحه إلى مساعدة حليفه الجديد بوتين على الخروج من الورطة السورية بطريقة تحقق مكاسب لموسكو، إذ إنه يرى أن من الخطأ ربط مصير دور روسيا واستراتيجيتها بمصير شخص، خصوصا أنه ليس ممكنا أو واقعيا بناء سوريا الجديدة بعد إنهاء الحرب بالتعاون مع الأسد.
رابعا: يدرك أردوغان تماما أن أيا من التكتلين الأساسيين المتصارعين في سوريا، أي تكتل روسيا وايران وحلفائهما، وتكتل أمريكا والدول المتحالفة معها، لن يستطيع أن يحقق النصر ويفرض على التكتل الآخر شروطه ومطالبه، وعلى هذا الأساس يقترح أردوغان تعاون هذين التكتلين من أجل تطبيق الحل السياسي وإنهاء الحرب وتسوية الأزمة، على أساس أن ينطلق هذا الحل من ضرورة حسم مصير الأسد وإبعاده عن السلطة قبل أي شيء آخر.
خامسا: وبحسب، المسؤول الأوروبي المطلع، ستؤيد أمريكا والدول الحليفة لها الاتفاق، وتدعم اقتراح أردوغان، هذا إذا وافقت عليه روسيا، لأنه ينسجم مع مطلبها الأساسي القاضي بالتمسّك برحيل الأسد عن السلطة، ولأنه مطابق لقرارات مجلس الأمن وللتفاهمات الدولية التي تطالب بالانتقال إلى نظام جديد تعددي في سوريا، يضمن الحقوق المشروعة للشعب السوري بكل مكوناته من أجل إنهاء الحرب وتسوية الأزمة وإحلال السلام والاستقرار.
وخلصت الصحيفة بالقول إنه “ليس متوقعا أن تعلن روسيا أو إيران موقفا من اقتراح أردوغان في هذه المرحلة؛ لأنه يتناقض مع مواقفها المعلنة، ولأن الموضوع يحتاج إلى نقاشات معمقة ومفصلة تساهم فيها الدول المعادية للأسد والمؤثرة في مستقبل سوريا”، بحسب ما نقلت عن المصدر المطلع، الذي أكد أن “مجرد الموافقة الروسية والإيرانية على التشاور في شأن هذا الاقتراح الذي يعطي الأولوية لضرورة رحيل الأسد عن السلطة، تعكس مدى صعوبة أوضاع النظام وحلفائه”.