سبق لحزب الله ان فاوض الاسرائيلي على جثث قتلاه وبالعكس، ولم يعدم وسيلة الا ولجأ اليها لإطلاق سراح أحد عناصره منذ أشهر. شراسة المعارك الأخيرة التي جرت في ضواحي حلب وبلدات ريفها لم توفر الطرفين من الجيش الحر ومن عناصر النظام السوري على السواء ومن يقاتل معهم من مرتزقة حزب الله وغيرهم من المليشيات. وإذا كان الجرحى من “حزب الله” ما زالوا يتدفقون بأعداد ملفتة وبإصابات خطيرة من محافظة حلب، فإنهم على ما يبدوا قد تركوا خلفهم عدداً من رفاقه لهم أحياءً …وأمواتاً حول الشهباء.
فقد أعلنت مصادر الثوار في حلب ومحيطها أنّ الطبابة الشرعية التابعة لهم قد قامت بتوثيق 70 جثة تابعة لعناصر من قوات النظام وميليشيات المرتزقة الذي لقوا حتفهم في منطقتي رتيان وحردتين. هذه الأعداد مرشحة للإزدياد لأنّ الثوار يلتقطونها من البساتين والبيوت ومن تحت الإنقاض ويحرصون على نقلها بطريقة سليمة قدر الإمكان حيث يقوم المختصّون يتنظيمها وأخذ عينات منها ووضعها في أكياس بلاستيكية ومن ثم حافظات وبعدها الى مقابر مرقمة. وقد رجح المقاتلون في حلب أن تصل أعداد الجثث إلى ما يربو على 150 أو أكثر ولكن ذلك يعتمد على امكانية اكتشاف أماكنها ومن ثم سحبها ونقلها وفق ظروف المنطقة القتالية.
قناة حلب اليوم الناطقة بإسم ثوار حلب جزمت من خلال ناشطين ثوريين أنّ عدداً من القتلى هم من المقاتلين الأجانب. وبحسب ما أفاد به الأسرى فإنّ من كانوا يلبسون ما تعرف ببذلات “الديجتال” أي المرقطة بشكل خاص وحديث هم من اللبنانيين والإيرانيين. وقد قام الثوار بمطابقة ذلك مع السحنات العامة للجثث وكذلك البطاقات والأوراق الثبوتية التي بحوذتهم. وقد تبيّن بالفعل أنّ عدداً منهم لبنانيون وإيرانيون وكذلك 3 جثث يمنية. ومن الأمور التي ساعدت على التعرف على الجثث بالإضافة الى كل ما ذكر آنفاً هي ما يسمى “الخُلَع” اي قطع القماش التي تربط على الساعد واليد وما عليها من كتابات مثل يا زينب ويا حسين وكذلك الأوشام من عبارات حيدر وسيف ذو الفقار.
وإذ ينقل الناشطون أنّهم اتصلوا بالهلال الأحمر السوري الذي كان وسيطاً في عدد من المناطق بين الثوار والنظام، فإنهم أشاروا أنهم لم يتلقوا أي إشارة إلى تبلغ الطرف الآخر أو اهتمامه بموضوع جثث المقاتلين الذي يحمون نظام الأسد. ويبدو أنها ليست المرة الأولى بحسب هؤلاء الناشطين الذين سبق لهم أن تواصلوا مع النظام من خلال الهلال الأحمر بخصوص جثث تابعة له، وقد قاموا بوضعها بمواد حافظة ومع ذلك لم يهتم بهم النظام. وللتوضيح فإنّ النظام ومرتزقته إن كانوا يعيرون أي نوع من الاهتمام فإنه حين يرتبط ذلك بأحياء من عناصره العلوية او من ذوي الرتب العالية او من المليشيات اللبنانية والعراقية.
من جهتها، أفشت مصادر مقربة من حزب الله أنّ الحزب قد فقد الاتصال بعدد من عناصره خلال معارك حلب ولم يعرف مصيرهم حتى هذه اللحظة برغم مرور أيام على ذلك. وونقلاً عن هذه المصادر، فإنّ الحزب قد تكتم كعادته على أسماء هؤلاء القتلى، مرجحة أن يكونوا بين القتلى الذين بقيت جثثهم في أرض المعركة، وسحبهم الثوار بعد ذلك.
ووفق هذه المصادر، فإنّ الحزب يتابع القضية بحذر من أجل حسم مسألة مقتل عناصره أولاً ومن ثمّ حتمية أن جثثهم بين أيدي الثوار السوريين، منعاً لاستغلال الأمر إعلامياً ضد الحزب بأنّه يهتم بعناصره ولا يهتم بأفراد الجيش اللبناني وقوى الامن المعتقلين لدى المسلحين. كما كشفت هذه المصادر أنّ الحزب قد يكونوا متردداً حتى هذه اللحظة للإعلان عن هؤلاء لجملة أسباب منها أنهم ليسوا مقاتلين ضمن المنطومة الأساسية للحزب أي أنهم ممن كانوا أصلاً ضمن ما يعرف بـ”سرايا المقاومة” وكذلك فإنه ما زال يشتري الوقت لتأخير إعلام أهاليهم بمصير ابنائهم. كما أنّ الحزب يفكر بجملة خيارات لمبادلة جثث قتلاه بجثث أو أسرى للثوار لديه ولدى النظام، وربما عمليات خطف بهدف المبادلة أو دفع مبالغ مالية معينة للإفراج عن هذه الجثث.
المصدر : موقع 14 آذار – سلام حرب