لقد وضع المفاوضون في فيينا مهلة نهائية جديدة لإجراء محادثات بين أطراف النزاع، بغية التوصل إلى وقف إطلاق النار بحلول شهر أيار.
إن هجمات داعش في باريس قد حفزت الجهود الدولية لإنهاء الحرب في سورية، مع مهلة نهائية جديدة لإجراء مفاوضات بين الأطراف المتصارعة، تؤدي إلى وقف إطلاق للنار في جميع أرجاء البلاد.
وعلى كل حال، لا يوجد حتى اللحظة، أي مؤشر على اتفاق، حول السؤال الرئيسي المطروح، والذي يتعلق بمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد.
إن الأخبار القاتمة التي أتت من فرنسا قد طغت بالتأكيد على محادثات فيينا يوم السبت، إلا أن المحفل الموسع ذاك، الذي عُقد لمناقشة الأزمة، قد تجاوز التوقعات. ولعبت روسيا، التي بدأت بضرباتها الجوية في سورية أواخر أيلول، دوراً أكبر مما فعلت حتى الآن.
وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عليها مسمى: “فرصة دبلوماسية للحظة نادرة”. وقد جدد باراك أوباما وغيره من القادة المجتمعين في قمة مجموعة العشرين، في أنطاليا، يوم الأحد، المطالب بمزيد من التعاون الدولي بشكل أوسع.
وقّعت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا وإيران والمملكة العربية السعودية على بيان يؤكد على أن الأول من كانون الثاني هو موعد نهائي لبداية المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة، بغية التوصل إلى وقف لإطلاق النار يوم 14 أيار.
وقد كلّف المشاركون الـ 19 في المجموعة الدولية لدعم سورية ISSG الأردن بوضع قائمة تضم الجماعات السورية المعارضة الثائرة ضد نظام الأسد، والتي يمكن أن تشارك في محادثات السلام. وسوف تستبعد تلك القائمة الجماعتين اللتين تحظرهما الأمم المتحدة، وهما: داعش، وجبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة. وقال البيان أنه يمكن مهاجمة تلك الجماعتين على الرغم من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بشكل موسع.
وسيفوض كذلك مجلس الأمن الدولي، الذي كان منقسماً بشدة حيال الشأن السوري، منذ بداية الأزمة في آذار 2011، بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار والتحول السياسي.
أصدر أربعون فصيلاً سورياً ثائراً بياناً مشتركاً يدينون فيه الأعمال الوحشية التي وقعت في باريس، هذه الأعمال التي تشبه ما يقوم به نظام الأسد وصنيعته داعش. ولم يرد اسم أحرار الشام، أحد الجماعات الإسلامية الأكثر أهمية، بين أسماء الموقعين على البيان، الذين أصدر متحدث علاقاتهم الخارجية الرسمي، لبيب النحاس، بيانه الخاص، مغرداً في تويتر: “الإرهاب لا يتجزأ”، وأضاف: “لا يمكن للأسد، الذي صنع داعش في سورية، أن يُسهم في الحرب العالمية ضد الإرهاب”.
وعندما التقى الأسد بأعضاء البرلمان الفرنسي في دمشق يوم السبت، ألقى باللائمة على ما أسماه بسياسات فرنسا الخاطئة، التي أدت إلى ارتكاب الفظائع في باريس. وقال: “السؤال الذي يُطرح في فرنسا اليوم هو: هل كانت السياسة الفرنسية خلال الأعوام الخمسة الماضية هي السياسة الصائبة؟ .. الجواب هو لا”.
إن فرنسا جعلت الأمر واضحاً، فهي ستستمر في مهاجمة داعش والدعوة إلى رحيل الأسد.
يتملك القوى السورية المعارضة الخوف من الدول الغربية، التي سوف تقبل بحجة الأسد القائلة بأنه يتعين على هذه الدول التعاون معه لمحاربة الجهاديين باعتباره هو أخف الضررين. ويتمثل موقف الأسد بأن كل أولئك الذين ناصبو حكومته العداء هم إرهابيون. ويشاطره وجهة نظره هذه كلاً من روسيا وإيران أشد حلفائه، إلا أن المملكة العربية السعودية، الداعم الرئيسي للثوار الإسلاميين، ما عدا داعش، لا تقبل بوجهة نظره هذه.
وبموجب اتفاق فيينا، فإنه يتعين على الدول الراعية لكل جماعة يشملها وقف إطلاق النار، أن تكون مسؤولة عن جماعتها بأنها ستحترم وقف إطلاق النار. وقالت الأمم المتحدة: “جميع الأعضاء…. تعهدت كدول منفردة وكداعمين لمختلف الأطراف المتحاربة، باتخاذ جميع الخطوات الممكنة والمطلوبة للالتزام بوقف إطلاق النار من قبل هذه الجماعات أو الأفراد المدعومة، الممولة أو المنفذة”.
إن هذا المطلب يحمل صعوبات جلية تتعلق بالتعريف والشفافية.
إن المفاوضات بين أطراف النزاع السوري لتشكيل حكومة انتقالية “ذات مصداقية وشاملة، وغير طائفية” في دمشق من شأنها أن تضع جدولاً زمنياً لوضع مسودة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تحت إشراف الأمم المتحدة، في غضون 18 شهراً، وفقاً لبيان الأمم المتحدة.
وعلى كل حال فقد كان واضحاً أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية اتفقا على ألا يتفقا حول الأسد. وقال سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إن هجمات باريس: “أظهرت أنه ليس من الأهمية بمكان أن تكون مع الأسد أو ضده”، “داعش هي عدوك”.
وقال ستيفان دي مستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، إن مهلة 18 شهراً لتشكيل حكومة سورية جديدة “صعبة للغاية ولكنها ممكنة”.
وتقول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، إنهم يريدون تسريع نهج المسار المزدوج في سورية، أي تكثيف الجهود الدبلوماسية الدولية، والقيام بعمل عسكري ضد داعش. ولعل استعادة بلدة سنجار العراقية الأسبوع الماضي، من قبل القوات الكردية، التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية نموذجاً للعمليات المستقبلية.
ومن وجهة نظرهم، فإن داعش هي دلائل الإخفاقات السياسية في كل من العراق وسورية. ومن المقرر أن يجتمع المشاركون في فيينا، قبل نهاية العام في باريس، لاستعراض ما أحرز من تقدم نحو وقف إطلاق النار واختيار الوفود من أجل المحادثات السورية.
ترجمة: محمد المحمد
المركز الصحفي السوري
مصدر المقال الأصلي
الغارديان